للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكذا يَجِبُ أنْ يكونَ حكمًا، فإنْ كان القاتِلُ هو العافي؛ فعَلَيهِ القَودُ في قَولِ الجمهور، ولو ادَّعى نسيانَه، أوْ جوازَه.

(فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا)، أوْ غائبًا؛ (فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الاِسْتِيفَاءُ حَتَّى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ)، ويَقدَمَ الغائبُ، (فِي الْمَشْهُورِ)، وهو الأصحُّ، نَصَرَه في (١) «المغْنِي» و «الشَّرح»؛ لأِنَّه حقٌّ مُشترَكٌ بَينَهما، أشْبَهَ ما لو كانا بالغَينِ عاقِلين (٢)؛ وكدِيَةٍ، وكعبدٍ مُشترَكٍ، بخلافِ محارَبَةٍ (٣)؛ لتحتُّمه، وحَدِّ قذفٍ؛ لوجوبه لكلِّ واحدٍ كامِلاً.

(وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ)، وقاله الأوزاعيُّ واللَّيثُ؛ لأِنَّ الحسنَ بنَ عليٍّ قَتَلَ ابنَ مُلجَمٍ قصاصًا، وفي الورثة صغارٌ، فلم يُنكِرْ ذلك أحدٌ (٤).

فإنْ ماتا أو أحدُهما؛ فوارِثُهما كهما، وعند ابن أبي موسى: تتعيَّنُ (٥) الدِّيةُ.

والأوَّلُ المذهبُ؛ لأِنَّه قصاصٌ غيرُ مُتحتِّمٍ، فلم يَجُزْ لأِحدهما استيفاؤه استقلالاً؛ كما لو كان لحاضرٍ وغائبٍ، قال الأصحابُ: وإنَّما قَتَلَ الحسنُ


(١) قوله: (في) سقط من (م).
(٢) قوله: (عاقلين) سقط من (م).
(٣) في (م): محارمة.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٧٧٧٧)، من طريق ابن مهدي، عن حسن، عن زيد القباني، عن بعض أهله: أن الحسن بن علي: «قتل ابن ملجم الذي قتل عليًّا، وله ولد صغار»، وفي الإسناد مبهم. وأخرجه الطبراني في الكبير (١٦٨)، بنحوه في خبر طويل، وقال الهيثمي: (وهو مرسل، وإسناده حسن). وأخرج الشافعي في الأم (٤/ ٢٢٩)، والبيهقي من طريقه في الكبرى (١٦٧٥٩)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليًّا قال في ابن ملجم بعد ما ضربه: «أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره، إن عشت فأنا ولي دمي، أعفو إن شئت وإن شئت استقدت، وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا»، قال ابن الملقن: (إسناده صحيح). ينظر: البدر المنير ٨/ ٥٦٠، مجمع الزوائد ٩/ ١٤٥.
(٥) في (ظ): تتعين.