للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذَكَرَ المؤلف (١) في «الكافي»: أنَّ بَذْلَ العِوَض مِنْ بَيتِ المال، فإنْ لم يكُنْ فمِن الجاني.

والذي ذَكَرَه أبو بكرٍ، والقاضي في «خِلافَيهِما»: أنَّ الأُجْرةَ على الجاني.

قال في «الشَّرح»: وذَهَبَ بعضُ أصْحابِنا: أنَّه يُرزَقُ مِنْ بَيتِ المال رَجُلٌ يَستوفي (٢) الحدود والقِصاصَ؛ لأِنَّ هذا من المصالح العامَّة، فإنْ لم يَحصُلْ فَعَلَى الجاني؛ لأِنَّ الحقَّ عَلَيهِ فيَلزَمُه أُجرةُ الاِسْتِيفاءِ؛ كأجْرةِ الوَزَّان.

ويَتَوجَّهُ لو قال: أنا أقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي، ولا أؤدِّي أُجْرةً، هل يُقبَلُ منه أمْ لا؟

وقِيلَ: على المقتَصِّ؛ لأِنَّه وكيلُه، فكانتِ الأُجْرةُ على مُوكِّله كسائر المواضع، والذي على الجاني التَّمكينُ دُونَ الفعل، ولو كانَتْ عليه أُجرةُ الوكيل؛ لَلَزِمَه أُجْرةُ الوليِّ إذا اسْتَوْفَى بنفسه.

(وَالْوَلَيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الاِسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ، وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ)، هذا المذهَبُ؛ لأِنَّ التَّوكيلَ حقٌّ له، فكان له الخِيَرةُ فيه؛ كسائر حقوقه (٣).

(وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ)، قدَّمه في «الكافي»؛ لأِنَّه لا يُؤمَنُ أنْ يَجْنِي عليه بما لا يُمكِنُ تلافيه (٤).

وقيل: يُمنَعُ منها فيهما؛ كجَهْله، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

والأوَّلُ أَوْلَى، قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ: أنَّه يُمكَّنُ منه؛ لأِنَّه أحدُ نَوعَيِ القِصاصِ، فيُمكَّنُ منه؛ كالقصاص في النَّفس.


(١) في (م): الولي.
(٢) زيد في (م): في.
(٣) في (م): الحقوق.
(٤) في (م): إتلافه.