للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّاني: بلى؛ لأِنَّه حَصَلَ بأمره على وجهٍ لا ذَنْبَ للمُباشِر فيه؛ كما لو أمر عبدَه الأعْجَمِيَّ بقتل (١) معصومٍ.

وقِيلَ: للمُستَحِقِّ تضمينُ مَنْ شاء منهما، والقَرارُ على العافي.

وقال جماعةٌ: يُخرَّجُ في صحَّةِ العفو وجْهانِ، بِناءً على الرِّوَايتَينِ في الوكيل، هل يَنعزِلُ بعَزْلِ الموكِّل قبلَ علمه؟

فعلى الأوَّل: لا ضَمانَ على أحدٍ؛ لأِنَّه قَتَلَ مَنْ يَجِبُ قَتْلُه بأمْرٍ يَستَحِقُّه.

وعلى الثَّاني، وهو صحَّةُ العَفْو: لا قِصاصَ فيه؛ لأِنَّ الوكيلَ قَتَلَ مَنْ يَعتَقِدُ إباحةَ قتله كالحربيِّ، ولكِنْ تَجِبُ الدِّيةُ عليه.

وقد نبَّه على ذلك بقوله: (وَيَتَخَرَّجُ: أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ)؛ لأِنَّه قَتَلَ معصومًا (٢)، (وَيَرْجِعُ بِهِ (٣) عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ)، أشْبَهَ المغرورَ بحرِّيَّةِ أمَةٍ وتزويجِ مَعيبة (٤).

(وَالآْخَرُ: لَا يَرْجِعُ بِهِ)، اختاره القاضي؛ لأِنَّه مُحسِنٌ بالعفو، بخلاف الغارِّ بالحرِّيَّة، وذلك لا يَقتَضِي الرُّجوعَ عليه، (وَيَكُونُ الْوَاجِبُ حَالًّا فِي مَالِهِ)؛ أي: الوكيل؛ لأِنَّه مُتعمِّدٌ للقتل، وإنَّما سَقَطَ القَوَدُ عنه لمعنًى آخَرَ، فهو كقتل (٥) الأب.

(وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عَلَى عَاقِلَتِهِ)، وهو ظاهر (٦) «الخِرَقيِّ»، واختْارَهُ


(١) في (م): فقتل.
(٢) قوله: (لأنه قتل معصومًا) ذكر في (ن) بعد قوله: (ويرجع به على الموكل في أحد الوجهين؛ لأنه غره).
(٣) قوله: (به) سقط من (م).
(٤) قوله: (أشبه المغرور بحرية أمة وتزويج معيبة) سقط من (ن).
(٥) في (م): كقتيل.
(٦) زيد في (م): كلام.