للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغرب، ثمَّ ما دامت الشَّمس ترتفع فالظِّل ينقص، فإذا انتهت الشَّمس إلى وسط السَّماء، وهي حالة الاستواء؛ انتهى نقصانه، فإذا زال الظِّلُّ أدنى زيادة؛ فهو الزَّوال، فهو إذن ميلُها عن وسط السَّماء (١)، ويختلف فيء الزَّوال فيطول (٢) في الشِّتاء، ويقصر في الصَّيف، لكن لا يقصر ظِلُّه وقت الزَّوال في بعض بلاد خراسان؛ لسير الشَّمس ناحيةً عنها، ذكره ابن حمدان.

وذكر السَّامَرِّيُّ وغيرُه: أنَّ ما كان من البلاد تحت وسَط الفَلَك -مثل (٣) مكَّةَ وصنعاءَ في يوم واحِدٍ، وهو أطول أيام السَّنة- لا ظِلَّ ولا فَيْء لوقت الزَّوال، بل يعرف الزَّوال هناك بأن (٤) يظهر للشَّخص فَيْءٌ من نحو المشرق؛ للعلم بكونها (٥) قد أخذت مُغَرِّبة.

ويختلف باختلاف الشَّهر والبلد، فأقلُّ (٦) ما تزول في (٧) إقليم الشَّام والعراق -على ما نقله أبو العباس الشِّيحِيُّ (٨) - على قَدَم وثُلُث في نصف


(١) كتب على هامش الأصل وهامش (د): (والظل أصله: الستر، ومنه: أنا في ظل فلان، ومنه: ظل الجنة، وظل شجرها، وظل الليل: سواده، وظل الشمس: ما ستر الشخوص من سقطها، ذكره ابن قتيبة، قال: والظل يكون غدوة وعشية، من أول النهار وآخره، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال؛ لأنه فاء؛ أي: رجع من جانب إلى جانب، وقال ثعلب في فصيح الكلام: الظل للشجرة وغيرها بالغداة، والفيء بالعشي). وزاد في هامش الأصل: (كما قال الشاعر:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه
ولا الفيء من برد العشي تذوق
قال: وأُخبرت عن أبي عبيدة قال: قال رؤبة: كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه؛ فهو فيء وظل، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل فقط).
(٢) في (د): فمطول.
(٣) في (د) و (و): قبل.
(٤) في (و): أن.
(٥) في (أ) و (ب): بأنها، وفي (و): كونها.
(٦) في (أ): فبأقل.
(٧) في (أ): يزول من. وفي (و): يزول في.
(٨) هو أحمد بن سعيد أبو العباس الشامي، يعرف بالشيحي، سكن بغداد وحدث بها، وله كتب مصنفة في الزوال وعلم مواقيت الصلاة وغير ذلك، توفي سنة ٤٠٦ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٧٩.