للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي «الانتصار»: يَحتَمِلُ لا يَغرَمُ شَيئًا، وهو قَولُ أبي يُوسُفَ (١)؛ لِمَا رَوَى عبدُ الرَّحمن بنُ عَوفٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «إذا أَقَمْتُم الحَدَّ على السَّارق؛ فلا غُرْمَ عَلَيهِ» (٢)، ولأنَّ (٣) التَّضْمينَ يَقتَضِي التَّمليكَ، والملْكُ يَمنَعُ القَطْعَ؛ فلا يُجمَعُ بَينَهما.

وجَوابُه: بأنَّهما حَقَّانِ لمُسْتَحِقَّينِ، وقال ابنُ عبد البَرِّ: الحديثُ لَيسَ بالقَوِيِّ (٤)، وقال بعضُ المحدِّثِينَ: فيه سَعْدُ بنُ إبْراهِيمَ، وهو مَجهولٌ، ولو سُلِّمَ صِحَّتُه؛ فيَحتَمِلُ أنَّه لا غُرْمَ عَلَيهِ في أُجْرةِ القاطِعِ.

(وَهَلْ يَجِبُ (٥) الزَّيْتُ الذِي يُحْسَمُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ مَالِ السَّارِقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ):

أحدُهما: أنَّه مِنْ بَيتِ المال؛ كأُجْرَةِ القاطِعِ؛ لأِنَّه من المصالح، لم يَذكُرْ في «الكافي» غَيرَه، فإنْ لم يُحسم (٦)؛ فَذَكَرَ القاضِي: أنَّه لا شَيءَ عَلَيهِ؛ لأِنَّ عَلَيهِ القَطْعَ، لا مُداواةَ المحْدُودِ.


(١) ينظر: تبيين الحقائق ٣/ ٢٣١.
(٢) أخرجه النسائي (٤٩٨٤)، والطبراني في الأوسط (٩٢٧٤)، والبيهقي في الكبرى (١٧٢٨٣)، من طريق المسور بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن رسول الله قال: «لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد»، وهو حديث ضعيف؛ لأن المسور بن إبراهيم لم يلق عبد الرحمن، وضعف الحديث جماعة، قال النسائي: (هذا مرسل وليس بثابت)، وقال أبو حاتم. (حديث منكر وهو مرسل)، وتكلم فيه البزار والطبراني وابن عبد البر وغيرهم. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٤/ ١٩٤، الاستذكار ٧/ ٥٥٥، الدراية ٢/ ١١٣.
(٣) في (ن): لأن.
(٤) ينظر: التمهيد ١٤/ ٣٨٣.
(٥) قوله: (يجب) سقط من (ن).
(٦) في (ظ): لم تحسم.