للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو الصَّولُ، ولأِنَّ البهيمةَ لا حُرْمَةَ لها، فيَجِبُ عَلَيهِ الدَّفْعُ إذا أمْكَنَه؛ كما لو خاف مِنْ سَيلٍ أوْ نارٍ وأمْكَنَهُ أنْ يتنحى (١) عنه.

(وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مُتَلَصِّصًا، أَوْ صَائِلاً)، إذا (٢) ادَّعى صِيالَةً بلا بَيِّنةٍ ولَا إقْرارٍ؛ لم يُقبَلْ، (فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرْنَا)؛ أيْ: إذا دَخَلَ مَنزِلَ غَيرِه بغَيرِ إذْنِه؛ فلِصاحِبِ المنزِلِ أمْرُه بالخُروج مِنْ مَنزِلِه، سَواءٌ كان معه سلاحٌ أوْ لا.

فإنْ خَرَج بالأمر؛ لم يكُنْ له غَيرُه؛ لأِنَّ المقصودَ إخْراجُه، لكِنْ رُوِيَ عن ابن عمرَ: «أنَّه رَأَى لِصًّا فأصْلَتَ عَلَيهِ السَّيفَ»، قال الرَّاوِي: فلو تَرَكْناهُ لَقَتَلَه (٣)، وجاء رجلٌ إلى الحَسَن، فقال: رجلٌ دَخَلَ بَيتِي ومعه حديدة (٤)، أقْتُلُه؟ قال: «نَعَمْ».

وجَوابُه: أنَّه أمْكَنَ إزالةُ العُدْوان بغَيرِ القَتْل؛ فلم (٥) يَجُز القَتْلُ، وكما لو (٦) غَصَبَ منه شَيئًا وأمْكَنَ أَخْذُه بغَيرِ القَتْلِ، وفِعْلُ ابنِ عُمَرَ يُحمَلُ على قَصْدِ التَّرهيب.

فإنْ لم يَخرُجْ؛ فله ضَرْبُه بأسْهَلِ ما يَعلَمُ أوْ يَظُنُّ أنَّه يندفع (٧) به، فإنْ خَرَجَ بالعصا؛ لم يكُنْ له ضَرْبُه بالحديد، وإنْ وَلَّى هارِبًا؛ لم يكُنْ له قَتْلُه ولا اتِّباعُه؛ كالبُغاة، وإنْ ضَرَبَه ضَرْبَةً عطَّلته (٨)؛ لم يكُنْ له أرْشٌ (٩)؛ لأِنَّه كُفِيَ شَرَّه.


(١) في (ن): ينتحي.
(٢) في (ظ): أي إذا. وفي (م): أو.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١٨٥٥٧، ١٨٨١٨)، وابن أبي شيبة (٢٨٠٤١)، من طريق الزهري، عن سالم به. وإسناده صحيح.
(٤) زيد في (ن): فقال.
(٥) في (ظ): لم.
(٦) قوله: (وكما لو) في (م): وقالوا: إن.
(٧) في (م): يدفع.
(٨) قوله: (ضربة عطلته) في (م): غلظة. والمثبت موافق للمغني والشرح.
(٩) كذا في النسخ الخطية، وهو موافق لما في شرح المنتهى ٣/ ٣٨٥ ومطالب أولي النهى ٦/ ٢٥٨، والذي في المغني ٩/ ١٨٢، والشرح الكبير ٢٧/ ٣٨، والإقناع ٤/ ٢٨٩: أن يُثَنِّيَ عليه.