للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأكثرُ، وصحَّحَه في «الرِّعاية»؛ كإسْلامِه؛ لِقَوْلِ عليٍّ: «إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا (١) هَذَى افْتَرَى، وعلى المفْتَرِي ثَمانونَ» (٢)، فأوْجَبُوا عَلَيهِ حدَّ الفِرْيَة التي يأتي بها في سُكْرِه، واعْتَبَرُوا مَظِنَّتَها، ولأِنَّه يَصِحُّ طَلاقُه، فصحَّتْ رِدَّتُه كالصَّاحِي، ولأِنَّه لا يَزُولُ عَقْلُه بالكُلِّيَّةِ، ولهذا: يَتَّقِي المَحْذُوراتِ، ويَفرَحُ بما يَسُرُّه، وينغمُّ (٣) بما يَضُرُّه، ويَزُولُ سُكْرُه عن قُرْبٍ، أشْبَهَ النَّاعِسَ، بخِلافِ المجْنونِ.

(لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ)، فَيكمُل (٤) عَقْلُه، ويَفْهَمَ ما يُقال له، وتَزولَ شُبْهَتُه؛ لأِنَّ القَتْلَ جُعِلَ للزَّجْر، (وَتَتِمَّ (٥) لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ)؛ لأِنَّ زوالَ العَقْل حَصَلَ بتَعَدِّيهِ، بخِلافِ الصَّبِيِّ. فإن اسْتَمَرَّ سُكْرُه أكْثَرَ مِنْ ثلاثٍ؛ لم يُقتل (٦) حتَّى يَصْحُوَ، ثُمَّ يُسْتَتابُ عَقِبَ صَحْوِه، فإنْ تَابَ، وإلاَّ قُتِلَ في الحال.

(فإِنْ مَاتَ) أوْ قُتِلَ (فِي سُكْرِهِ؛ مَاتَ كَافِرًا)؛ لأِنَّه هَلَكَ بَعْدَ ارْتِدادِه، ولم ترثه (٧) وَرَثَتُه من المسلمين.

(وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ)؛ لأِنَّ ذلك متعلِّقٌ (٨) بالاِعْتِقاد والقَصْد، والسَّكْرانُ لا يَصِحُّ عَقْدُه، أشْبَهَ الْمعْتُوهَ، ولأنَّه (٩) زائلُ العَقْلِ غَيرُ مُكلَّفٍ، أشْبَهَ المجْنونَ.


(١) في (م): وإلى.
(٢) سبق تخريجه ٩/ ٤٨٠ حاشية (٢).
(٣) في (م): ويغتم.
(٤) في (م): بكل.
(٥) في (م): ويتم، وفي (ظ): وتم.
(٦) في (ن): لم يقبل.
(٧) في (م): ولم يرثه.
(٨) في (م): يتعلق.
(٩) في (م): لأنه.