للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: اتَّفقَ الأئمَّةُ أنَّ المرتَدَّ إذا أسْلَمَ عَصَمَ دَمَه ومالَه، وإنْ لم (١) يَحكم به (٢) حاكِمٌ، ولا يَحتاجُ إلى أنْ يُقِرَّ بما شهد (٣) عَلَيهِ به، فإذا لم يَشهَدْ عَلَيهِ عَدْلٌ؛ لم يَفتَقِر الحُكْمُ إلى إقرارِه، بل إخْراجُه إلى ذلك قد (٤) يكون كَذِبًا، ولهذا لا يَجُوزُ بِناءُ حُكْمٍ على هذا الإقْرارِ؛ كالإقْرار الصَّحيحِ، فإنَّه قد عُلِمَ أنَّه لقَّنه (٥)، وأنَّه فَعَلَه خَوفَ القَتْل، وهو إقْرارُ تَلْجِئَةٍ (٦).

تنبيهٌ: ظاهِرُ كلامه: أنَّه إذا قال: أنا مؤمِنٌ أوْ مُسلِمٌ؛ لم يُكْتَفَ بذلك، ونقل أبو طالِبٍ في اليهوديِّ إذا قال: قد أسْلَمْتُ، أوْ أنا مُسلِمٌ: يُجبَرُ عَلَيهِ، قد عَلِمَ ما يُرادُ منه (٧).

ونَصَرَ القاضي وابنُ البَنَّاء الاِكْتِفاءَ بذلك عن الشَّهادَتَينِ؛ لِمَا رَوَى المِقْدادُ أنَّه قال: يا رسولَ الله! أرأيتَ إنْ لَقِيتُ رجلاً من الكُفَّار، فَقاتَلَنِي، فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بالسَّيف، فَقَطَعَها، ثمَّ لَاذَ مِنِّي بشجرةٍ، فقال: أسْلَمْتُ، أفأقتُله يا رسولَ الله بَعْدَ أنْ قالَها؟ قال: «لا تَقْتُلْه» رواهُ مُسلِمٌ (٨)، ولأِنَّ ذلك (٩) اسمٌ لشَيءٍ، فإذا أَخْبَرَ به فقد أخْبَرَ بذلك الشَّيءِ.

وذَكَرَ المؤلِّفُ احْتِمالاً: أنَّ (١٠) هذا في الكافِرِ الأصْلِيِّ، أوْ جَحَدَ


(١) في (ن): لا.
(٢) قوله: (به) سقط من (م).
(٣) قوله: (بما شهد) في (م): بأشهد.
(٤) في (م): وقد.
(٥) في (ظ) و (ن): لقيه. والمثبت موافق لمجموع الفتاوى ٣٥/ ٢٠٥.
(٦) ينظر: مجموع الفتاوى ٣٥/ ٢٠٥.
(٧) ينظر: أحكام أهل الملل ص ٣٠٢.
(٨) أخرجه البخاري (٤٠١٩)، ومسلم (٩٥).
(٩) في (م): هذا.
(١٠) في (م): احتمالان.