للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المتقارِبَينِ، لا سِيَما إنْ قُلْنا: يُقتَل (١) الآمِرُ بالقَتْلِ على روايةٍ، فهُنا أَوْلَى.

(وَيُقْتَصُّ مِنْهُ إِنْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ)؛ كما يُقتَصُّ مِنْ المسلم، وإلاَّ فَالدِّيَةُ.

(وَأَمَّا الَّذِي يَعْزِمُ عَلَى الْجِنِّ، وَيَزْعُمُ أَنَّهَا تُطِيعُهُ؛ فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ)، وهو المُعَزِّمُ، وكذا من يَحُلُّ السِّحْرَ، وقد تَوقَّفَ أحمدُ عنها، قال الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ الله يُسأَلُ عَنْ رَجُلٍ يَزعُمُ أنَّه يَحُلُّ السِّحْرَ، فقال: رَخَّصَ فيه بعضُ النَّاس، ثُمَّ قال: ما أدْرِي ما هذا (٢)، وفِيهِ وَجْهانِ.

وفي «الشَّرح»: إنْ كان يَحُلُّه بشَيءٍ من القُرآن أو الذِّكْر؛ فلا بَأْسَ به، وإنْ كان بِشَيءٍ من السِّحْر؛ فقد تَوقَّفَ أحمدُ.

(وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ) تَبَعًا للقاضي، وقدَّمَه في «المحرَّر» (فِي (٣) السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ)؛ كما ذَكَرْنا.

وذَكَرَ القاضِي في هذا تفصيلاً، فقال: السَّاحِرُ إن اعْتَقَدَ أنَّ الكواكِبَ فاعِلَةٌ، ويَدَّعِي بسِحْرِه مُعجِزاتٍ لا يَجُوزُ وُجُودُ مِثْلِها إلاَّ لِلأنبِياءِ، مِثْلَ أن (٤) يَدَّعِيَ أنَّ الجِنَّ تخبره (٥) بالمغَيَّبات، وأنَّه يَقدِرُ على تَغْييرِ صُوَرِ الأشياء، والطَّيَرانِ في الهَواءِ، والمشْيِ على الماء؛ فهُو كافِرٌ، وإن اعْتَقَدَ أنَّ اللهَ تعالَى هو الفاعِلُ المدَبِّرُ لذلك عِنْدَ وجودِ هذا الفِعْلِ مِنْ جِهَتِه؛ لم يُصدِّقْه.

وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَكفُرُ إلاَّ بالاِعْتِقاد؛ لأِنَّ السِّحْرَ صِناعةٌ يعود (٦) بفَسادِ أحْوالٍ، وأخْذِ أمْوالٍ، وقَتْلِ نُفُوسٍ، وهذا القَدْرُ بالمباشَرَةِ لا يُوجِبُ التَّكفيرَ.


(١) قوله: (يقتل) سقط من (م)، وفي (ن): يقبل.
(٢) ينظر: تهذيب الأجوبة ص ٧١٤، المغني ٩/ ٣٢.
(٣) في (م): وفي، وفي (ن): من.
(٤) قوله: (مثل أن) في (م): قيل.
(٥) في (م): يخبره.
(٦) في (م): تعود.