للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعَنْهُ: لا يُكرَهُ لِقَصْدِ إقامةِ الحَقِّ، وخَوفًا أنْ يَتعرَّضَ له غَيرُ مُسْتَحِقٍّ، ذَكَرَه القاضي.

قال في «الفروع»: ويَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: بل يُستَحَبُّ إذَنْ، وقالَهُ المَاوَرْدِيُّ، ويَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحرُمُ بِدُونِه.

وذَكَرَ المَاوَرْدِيُّ: أنَّه لِقَصْدِ المنزلة (١) والمباهاةِ يَجُوزُ اتِّفاقًا، وأنَّ طائفةً كَرِهَتْه إِذَنْ، وطائفةٌ لَا (٢).

واحْتَجَّ الإمامُ أحمدُ فِيمَا رَواهُ عنه ابْنُه عبدُ الله (٣): بما رَوَى أبو هُرَيرةَ مَرفُوعًا: «مَنْ طَلَبَ قَضاءَ المسْلِمِينَ حتَّى نالَهُ؛ فَغَلَبَ عَدْلُه جَورَه؛ فله الجَنَّةُ، وإنْ غَلَبَ جَورُه عَدْلَه فله النَّارُ» رَواهُ أبو داودَ (٤)، والمرادُ: إذا لم يكُنْ فيه أهْلٌ، وإلَّا حَرُمَ وقَدَحَ فيه.

(وَإَنْ طُلِبَ؛ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُجِيبَ إِلَيهِ (٥) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ رحمه الله تعالى)، اخْتارَه القاضِي، وقدَّمه في «الكافي» و «الرِّعاية» و «الفُروع»، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وفي «الشَّرح»: أنَّه الأَوْلَى؛ لمَا فِيهِ مِنْ الخَطَر والتَّشديد، ولِمَا في تَرْكِه من السَّلامة، وذلك طريقةُ السَّلَف، وقد أرادَ عُثْمانُ تولية عبد الله (٦) بنِ عَمَرَ القَضاءَ، فَأَبَى (٧).


(١) في (ن): التركة.
(٢) ينظر: الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٢٦.
(٣) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٤٧٤، ولم نجده في المطبوع من مسائل عبد الله.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٥٧٥)، والبيهقي في الكبرى (٢٠١٦٥)، وسنده ضعيف؛ فيه موسى بن نجدة اليمامي: (مجهول لا يُعرف) كما قاله الذهبي وابن حجر. والحديث ضعّفه الألباني. ينظر: ميزان الاعتدال ٤/ ٢٢٥، لسان الميزان ٩/ ٢١٨، الضعيفة (١١٨٦).
(٥) قوله: (إليه) سقط من (ظ) و (م).
(٦) قوله: (عبد الله) سقط من (ظ) و (م).
(٧) أخرجه أحمد (٤٧٥)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (٤٨)، من طرق عن حماد بن سلمة، حدثنا أبو سنان. وأخرجه الترمذي (١٣٢٢)، وابن حبان (٥٠٥٦)، والطبراني في الكبير (١٣٣١٩)، من طرق عن المعتمر بن سليمان، سمعت عبد الملك بن أبي جميلة، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن موهب: أن عثمان قال لابن عمر : اقض بين الناس. فقال: لا أقضي بين اثنين، ولا أؤمّ رجلين، أما سمعتَ النبي يقول: «من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ؟»، قال عثمان: بلى. قال: فإني أعوذ بالله أن تستعملني، فأعفاه، وقال: «لا تخبرْ بهذا أحدًا». وأبو سنان عيسى بن سنان الحنفي، ضعيف لين الحديث، وعبد الملك بن أبي جميلة: مجهول. والحديث ضعفه أبو حاتم والألباني، والترمذي، وقال: (ليس إسناده عندي بمتّصل). ينظر: البدر المنير ٩/ ٥٥٧، التلخيص الحبير ٤/ ٣٤١، الضعيفة (٦٨٦٤).