للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و «تَحاكَمَ عُثْمانُ وطَلحَةُ إلى جُبَيرٍ» (١).

لا يُقالُ: إنَّ عُمَرَ وعُثْمانَ كانا إمامَينِ، فيَصِيرُ حاكِمًا مَنْ رَدَّا (٢) الحُكْم إلَيهِ؛ لِأنَّه لم يُنقَلْ عنهما أكثرُ مِنْ الرِّضا بحُكْمِه خاصَّةً، وذلك لا يُصَيِّرُ الحُكْمَ (٣) إلَيهِ قاضِيًا، وهو حِينَئِذٍ كحاكِمِ الإمام، ولا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِه إلَّا فيما يُنقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيرِه.

(فِي المَالِ، وَالْقِصَاصِ وَالْحَدِّ)، كذا أطْلَقَه الأَصْحابُ، وقيَّدَه في «الوجيز»: بحَدِّ القَذْف خاصَّةً، (وَالنِّكَاحِ، وَاللِّعَانِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ)، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وقدَّمه في «الفُروع»؛ لمَا ذَكَرْنا مِنْ عُمومِ الأحاديث.

وظاهِرُ كَلامِه: يَنفُذُ في غَيرِ فَرْجٍ؛ كَتَصَرُّفه ضرورةً في تَرِكَةِ مَيِّتٍ في غَيرِ فَرْجٍ، ذَكَرَه ابنُ عَقِيلٍ.

واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين: نُفُوذَ حُكْمِه بَعْدَ حُكْمِ حاكِمِ الإمامِ (٤)، وأنَّه إنْ


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠٤٢٤)، من طريق رباح بن أبي معروف، عن ابن أبي مليكة في قصة. ورباح بن أبي معروف المكيُّ صدوق له أوهام، فالأثر حسن. ينظر: الكامل ٤/ ١٠٦، تهذيب الكمال ٩/ ٤٧، التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل (٢٦١٦).
(٢) في (ن): ردَّ.
(٣) كذا في النسخ الخطية، وفي الممتع ٤/ ٥٢١: المتحاكَم.
(٤) عبارة الفروع: (واختار شيخنا: نفوذ حكمه بعد حكم حاكم لا إمام)، ومثله الإنصاف ٢٨/ ٣٢٧، وقال ابن قندس في «حواشي الفروع» عند هذه العبارة: (فلعله: نفوذ حكمه لعدم حاكم، لكن الموجود في النسخ كما في الأصل، وقد تقدم أنه لم يذكر هذا في «الاختيارات»، فإن كان اللفظ نفوذ حكمه لعدم حاكم؛ فهو واضح، وإن كان ما في الأصل صحيحًا، فالمعنى الظاهر منه: أنه لا ينفذ إلا بعد حكم حاكم يحكم أنه نافذ، ويكون ذلك من باب ما إذا كان نفس الحكم مختلفًا فيه؛ لا يلزم تنفيذه إلا أن يحكم به حاكم؛ كالحكم على الغائب، والحكم بالشاهد واليمين على ما ذكره صاحب المحرر، والظاهر: أن الأول أولى، وأن اللفظ حصل به تغيير، والله أعلم). ينظر: الفروع وحاشية ابن قندس ١١/ ١٣٠.