للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعرِفَةِ المُدَّعِي مِنْ المُدَّعَى عَلَيهِ، (وَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَا)؛ لِأنَّ كلامَه يَستَدْعِي طالِبًا له، ولم يُوجَدْ.

وقِيلَ: بَلْ يَسكُتُ حتَّى يَدَّعِيَ أحدُهما، ويَقُولُ القائِمُ على رأسه: مَنْ المدَّعِي مِنكُما إنْ سَكَتَا جميعًا.

ولا يَقُولُ الحاكِمُ ولا حاجبه (١) لِأحَدِهما: تكلَّمْ؛ لِأنَّ في إفْرادِه بذلك تفضيلاً له، وتَرْكًا للإنصاف.

(فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى؛ قَدَّمَهُ)؛ لِأنَّ للسَّابق حقَّ تقدُّمٍ (٢)، فلو قال الخَصْمُ: أنا الخَصْمُ؛ لم يَلتَفتْ إلَيهِ.

(وَإِنِ ادَّعَيَا مَعًا؛ قَدَّمَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ)، هذا قِياسُ المذْهَب؛ لِأنَّها مُرجِّحةٌ عِنْدَ الاِزْدِحامِ، بدليلِ الإمامة والأَذانِ.

وقِيلَ: مَنْ شاءَ الحاكِمُ قَدَّمَ مِنهُما.

واسْتَحْسَنَ ابنُ المنْذِرِ: أنْ يسمع (٣) منهما جميعًا (٤).

وقِيلَ: يُؤخِّرُهما حتَّى يَتَبَيَّنَ مَنْ المدَّعِي منهما (٥).

(فَإِذَا انْقَضَتْ حُكُومَتُهُ؛ سَمِعَ دَعْوَى الآْخَرِ)؛ لِأنَّ التَّزاحُمَ قد زَالَ، وقال النَّبيُّ : «يا عَلِيُّ! إذا جَلَسَ إلَيكَ الخَصْمانِ؛ فلا تَقْضِ بَينَهما حتَّى تَسمَعَ مِنْ الآخَر كما سَمِعْتَ مِنْ الأوَّل، فإنَّك إذا فَعَلْتَ ذلك تَبَيَّنَ لك القَضاءُ» رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والتِّرْمذِيُّ (٦).


(١) في (ن): ولا صاحبه.
(٢) في (م): فقدم.
(٣) في (ن): سمع.
(٤) ينظر: الإشراف ٤/ ٢١٠.
(٥) قوله: (واستحسن ابن المنذر أن يسمع … ) إلى هنا سقط من (م).
(٦) أخرجه أحمد (١٢١١)، وفي فضائل الصحابة (١٢٢٧)، وأبو داود (٣٥٨٢)، والترمذي (١٣٣١)، والبزار (٧٣٣)، من طريق سماك، عن حنش بن المعتمر، عن عليٍّ ، وسماك صدوق، وحنش بن المعتمر صدوق له أوهام، وللحديث طرق، وقد حسنه الترمذيّ وابن حجر، وقال ابن المديني: (حديث كوفي وإسناد صالح)، وصححه ابن حبان والألباني. ينظر: المحرر (١١٧٩)، البدر المنير ٩/ ٥٣١، فتح الباري ١٣/ ١٧١، الإرواء ٨/ ٢٢٦.