للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ أقامَ المدَّعَى عَلَيهِ بَيِّنةً أنَّهما شَهِدا عِنْدَ قاضٍ بذلك، فرُدَّتْ شَهادتُهما لِفِسْقهما؛ بَطَلَتْ شَهادَتُهما؛ لأنَّ (١) الشَّهادةَ إذا رُدَّتْ لِفِسْقٍ؛ لم تقبل (٢) مرَّةً ثانِيَةً.

فرعٌ: لا يَجُوزُ للحاكم أنْ يُرتِّبَ شُهودًا لا يَقبَلُ غَيرَهم، لكِنْ له أنْ يُرتِّبَ شُهودًا يُشهِدُهم النَّاسُ، فيَسْتَغْنُونَ بإشْهادِهم عن تَعْديلِهم، ويَكْتَفِي عن الكَشْف عن أحْوالِهم.

قال أحمدُ: يَنبَغِي للقاضي أنْ يَسْأَلَ عن شهوده (٣) كلَّ قليلٍ (٤)، وهل هو مُستَحَبٌّ أوْ واجِبٌ؟ فِيهِ وَجْهانِ.

(وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ)؛ لِأنَّ حقَّه (٥) قد تَوجَّه، والمدَّعَى عَلَيهِ يَدَّعِي ما يُسقِطُه، والأصلُ عَدَمُه.

(فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً؛ حُكِمَ عَلَيْهِ)؛ لِأنَّ الحقَّ قد وضح (٦) على وَجْهٍ لا إشكال (٧) فِيهِ.

(وَلَا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إِلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، إِمَّا أَنْ يَرَاهُ، أَوْ يَسْتَفِيضَ عَنْهُ)، قدَّمه في «المستوعب» و «المحرَّر» و «الرِّعاية»، وذَكَرَ في «الكافي»: أنَّه المذْهَبُ، ونَصَرَه في «الشَّرح»، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لِأنَّ الناس (٨) يَختَلِفُونَ في أسْباب الجَرْح؛ كاخْتِلافهم في شارِبِ يَسيرِ النَّبيذ،


(١) في (م): ولأن.
(٢) في (ظ) و (ن): لم يقبل.
(٣) في (م): شهود.
(٤) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٥١٠.
(٥) في (م): صدقه.
(٦) في (م): صح.
(٧) قوله: (لا إشكال) في (م): الإشكال.
(٨) قوله: (لأن الناس) سقط من (م).