للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجَوابُه: بأنَّها شهادة فِيما لَيسَ بمالٍ، ولا يُقصَدُ به المالُ، ويَطَّلِعُ عَلَيهِ الرِّجالُ في غَالِبِ الأحْوالِ، أشْبَهَ الشَّهادةَ في القِصاص.

ولا يُقبَلُ الجَرْحُ مِنْ الخَصْم بغَيرِ خِلافٍ (١).

مسألةٌ: لا تُقبَلُ شَهادةُ المُتَوَسِّمِينَ، وذلك إذا حَضَرَ شاهِدانِ مُسافِرانِ، فشهدا (٢) عِنْدَ حاكِمٍ لا يَعرِفُهما، كشَاهدَي الحضَرِ (٣).

(وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ يَعْرِفُ حَالَهُ، قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا)؛ لِأنَّ ذلك يُحصِّلُ المقصودَ مع السِّتْر على الشَّاهِد.

(وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ)؛ لَزِمَه البَحْثُ، (وَطَالَبَ المُدَّعِي بِتَزْكِيَتِهِ)؛ لقولِ عُمَرَ للشَّاهِدَينِ: «جِيئَا بمَنْ يَعرِفُكما» (٤)، ولِأنَّ العدالةَ شَرْطٌ، فالشَّكُّ في وُجودِها كعَدَمِها؛ كشروط (٥) الصَّلاة.

(وَيَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ: شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا)، في قَولِ أكْثَرِ العلماء؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطّلَاق: ٢]، فإذا شَهِدا أنَّه عَدْلٌ؛ ثَبَتَ ذلك بشَهادَتِهما، فيَدخُلُ في عُمومِ الآية.

وفي «التَّرغيب»: إذا قُلْنَا: لَيْستْ شَهَادةً؛ لا (٦) يُعتَبَرُ لفظُ الشَّهادة والعَدَد في الجميع.


(١) ينظر: المغني ١٠/ ٦٢.
(٢) في (م): يشهدان.
(٣) في (م): الحصن. قال في الشرح الكبير ٢٨/ ٤٩٩: (فشهدا عند حاكم لا يعرفهما، لم يقبل شهادتهما .... ولنا، أن عدالتهما مجهولة، فلم يجز الحكم بشهادتهما؛ كشاهدي الحضر).
(٤) يعني أثر عمر في صفة تعديل الشهود، وقد تقدم تخريجه ١٠/ ٣٤٨ حاشية (٤).
(٥) في (م): في شروط.
(٦) في (ظ) و (ن): ولا. والمثبت موافق للفروع ١١/ ١٨٨.