للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصْلٌ، ومَن شَهِدَ عَلَيهِ فَرْعٌ، فَلا يَسُوغُ نَقْضُ الحُكْمِ بإنْكارِ القاضِي الكاتِبِ، ولا يَقدَحُ في عدالةِ البيِّنة، بل يَمنَعُ إنكارَه الحُكْمَ، كما يَمنَعُ رُجوعُ شُهودِ الأصْلِ الحُكْمَ، فدلَّ ذلك أنَّه فَرْعٌ لمَنْ شَهِدَ عِندَه، وأصْلٌ لمَنْ شَهِدَ عَلَيهِ.

(وَيَجُوزُ كِتَابُ القَاضِي (١) فِيمَا حَكَمَ بِهِ)، مِثْلَ أنْ يَحكُمَ على إنْسانٍ بحَقٍّ، فيَتعيَّنُ عَلَيهِ وفاؤه، أوْ يَدَّعِيَ حقًّا على غائبٍ، ويُقِيمَ بيِّنةً عِندَه، ويَسأَلَ الحاكِمَ الحُكْمَ عَلَيهِ، فيَحكُمَ عَلَيهِ، ويَسألَه أنْ يَكتُبَ له كِتابًا بحُكْمِه إلى قاضِي البلد الَّذي فيه الغائبُ، فيَكتُبَ له إلَيهِ، أوْ تَقومَ (٢) البيِّنةُ على حاضِرٍ، فيهرب (٣) قَبْلَ الحُكْم عَلَيهِ، فيَسألَ صاحِبُ الحقِّ الحاكمَ الحُكْمَ عَلَيهِ، وأن (٤) يَكتُبَ له كِتابًا بحُكْمِه (٥)، فيَلزَمُ الحاكِمَ إجابَتُه؛ لِأنَّ الحاجةَ داعِيةٌ إلى ذلك؛ (لِيُنْفِذَهُ فِي المَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ وَمَسَافَةِ القَصْرِ)، لا (٦) نَعلَمُ فِيهِ خِلافًا (٧)؛ لِأنَّ المكتوبَ إلَيهِ يَلزَمُه قَبولُه، وظاهِرُه: ولو كانا ببلدٍ واحِدٍ وحَكَمَ الحاكِمُ، يَجِبُ إمْضاؤه على كلِّ حاكِمٍ.

واخْتارَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: وفي (٨) حقٍّ لله تعالَى (٩).

(وَيَجُوزُ فِيمَا ثَبَتَ (١٠) عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ فِي المَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ دُونَ الْقَرِيبَةِ)، هذا هو المذْهَبُ؛ لأِنَّه نَقْلُ شهادةٍ، فاعْتُبِرَ فيه ما يُعتَبَرُ في الشَّهادة على


(١) قوله: (كتاب القاضي) هو في (ظ): كتابة.
(٢) في (م): وتقوم.
(٣) في (م): فهرب.
(٤) في (ن): أن.
(٥) في (م): بحكم.
(٦) قوله: (لا) سقط من (ظ).
(٧) ينظر: المغني ١٠/ ٨١.
(٨) في (م): في.
(٩) ينظر: الاختيارات ص ٥٠٣، الفروع ١١/ ٢٢٨.
(١٠) في (م): يثبت.