للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنْ لم يَحكُم المالكيُّ، بل قال: ثبت كذا، فكذلك؛ لِأنَّ الثُّبوتَ عِنْدَ المالكِيِّ حُكْمٌ، ثُمَّ إنْ رَأَى الحنبليُّ الثُّبوتَ حكمًا (١) نَفَّذَه، وإلَّا فالخِلافُ في قُرْبِ المسافة، ولُزُومُ الحنبليِّ تنفيذَه يَنبَنِي على لُزُومِ تنفيذ (٢) الحُكْم المخْتَلَفِ فيه.

وحُكْمُ المالِكَيِّ مع عِلْمه باخْتِلافِ العلماء في الخَطِّ؛ لا يَمنَعُ كَونَه مُختلَفًا فِيهِ، ولهذا لا يُنفِذُه الحَنَفِيُّ حتَّى ينفذه (٣) آخَرُ، وللحَنبَلِيِّ الحُكْمُ بصِحَّةِ الوَقْفِ مع بُعْدِ المسافة، ومع قُرْبها الخلاف (٤)، ذَكَرَه في «الفُروع».

(وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ)؛ ككِتابه إلى كِسْرَى وقَيصَرَ (٥)، (وَإِلَى مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ المُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ)، وهو قَولُ أبي ثَورٍ، واسْتَحْسَنَه أبو يُوسُفَ (٦)؛ كما لو كان مُعَيَّنًا.

(وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ (٧) عَدْلانِ عِنْدَ المكتوب إلَيهِ، ويُعتَبَرُ ضَبْطُهما لمَعْناهُ وما يَتعلَّقُ به الحُكْمُ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيهِ (٨).

وقِيلَ: عِنْدَ الكاتِب.

ويَتَوَجَّهُ لنا: أنَّه إذا كان يَعرِفُ خطَّه وخَتْمَه؛ اكْتَفَى به (٩)، وهو قَولُ


(١) في (ن): كما.
(٢) قوله: (تنفيذ) سقط من (م).
(٣) في (م): ينفذ.
(٤) في (م): إطلاق.
(٥) أخرجه مسلم (١٧٧٤)، من حديث أنس : «أن نبيّ الله كتب إلى كسرى، وإلى قيصرَ، وإلى النجاشيّ، وإلى كلِّ جبّارٍ يدعوهم إلى الله تعالى».
(٦) ينظر: المبسوط ١٦/ ٩٥، المحيط البرهاني ٨/ ١٨٣.
(٧) قوله: (شاهدان) سقط من (ن).
(٨) ينظر: الفروع ١١/ ٢٢٨.
(٩) قوله: (به) سقط من (م).