للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْلَ التَّفَرُّقِ عن تلك الحالِ، ولا يُلتَفَتُ إلى رجوعهم بَعْدَ ذلك، وزاد ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذكرة»: إذا وُجِدَ ذلك في الصَّحراء.

(الثَّانِي: الْعَقْلُ)، وهو نَوعٌ من العُلُومِ الضَّرورِيَّة، وهو فِطْنَةٌ، والعاقِلُ: مَنْ عَرَفَ الواجِبَ عَقْلاً؛ الضَّرُورِيَّ وغَيرَه، والممْكِنَ والممْتَنِعَ، وما يَضُرُّه ويَنفَعُه غالِبًا؛ لِأنَّ مَنْ لا عَقْلَ له؛ لا يُمكِنُه تَحمُّلُ الشَّهادة ولا أداؤها؛ لِأنَّه لا يُعقَلُ ذلك إلَّا بضَبْطِ الشَّهادةِ.

(فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ، وَلَا مَجْنُونٍ)، ولا سَكْرانَ، وذَكَرَ ابنُ المنْذِر الإجماعَ على أنَّ شَهادةَ مَنْ لَيسَ بعاقِلٍ لا تُقبَلُ (١)؛ إذْ لا تَحصُلُ الثقةُ (٢) بقَولِه، ولا يحصل (٣) له (٤) عِلْمٌ بما يَشهَدُ به.

(إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ (٥) فِي الْأَحْيَانِ إِذَا شَهِدَ فِي إِفَاقَتِهِ)، وذَكَرَه في «المحرَّر» و «الوجيز»؛ لِأنَّها شَهادةٌ مِنْ عاقِلٍ، أشْبَهَ مَنْ لم يُخنَقْ، ولا بُدَّ وأنْ يكُونَ قد تَحمَّلَها في حالِ إفاقَتِه؛ لِأنَّ تَحمُّلَه في جُنونِه لا يَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الضَّبْط.

وفي «المستوعب»: مَنْ يُصرَعُ في الشَّهر مَرَّةً أوْ مَرَّتَينِ؛ فَقِيلَ: تُقبل (٦) في حالِ إفاقَتِه، وقَدَّمَ هذا في «الرِّعاية»، ثُمَّ ذَكَرَ ما في «المقنع» قَولاً.

(الثَّالِثُ: الْكَلَامُ)؛ لِأنَّ الشَّهادةَ يُعتَبَرُ فِيهَا التَّيقن (٧)، وذلك مَفْقودٌ مع فَقْدِ الكَلامِ، (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ)، نَصَّ عَلَيهِ (٨)، واخْتارَهُ مُعظَم


(١) ينظر: الإجماع ص ٦٦.
(٢) في (ن): البقية.
(٣) في (ن): ولا تحصل.
(٤) قوله: (له) سقط من (م).
(٥) في (م): تحقق.
(٦) في (م): يقبل.
(٧) في (م): اليقين.
(٨) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٥٢٦.