للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليهِنَّ عِدَّةُ الحرائِرِ في المَوْضِعَينِ؛ لأنَّهُنَّ ههُنا وَجَبَتْ عليهنَّ العِدَّةُ وهُنَّ حرائرُ، وفي التي قبلَها عَتَقْنَ في أثْناءِ العِدَّةِ التي يُمْكِنُ الزَّوْجَ تلافِي النِّكاحِ فيها، فأشْبَهْنَ الرَّجْعِيَّةَ. فإن أَخَّرْنَ الفَسْخَ حتى أسْلَمَ الزَّوْجُ، فهُنَّ كالرَّجْعِيَّةِ إذا أُعْتِقَتْ وأخَّرَتِ الفَسْخَ، لأنَّ تَرْكَهُنَّ الفَسْخَ اعتمادٌ على جَرَيانِهِنَّ إلى البَينُونَةِ، فلم يتَضَمَّنِ الرِّضَا بالنِّكاحِ. ولو أسْلَمَ قَبْلَهنَّ، ثم أُعْتِقْنَ فاخْتَرْنَ الفَسْخَ، صَحَّ، لأنَّهُنَّ إماءٌ عَتَقْنَ تحْتَ عَبْدٍ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعيِّ وقال بعضُهم: لا خِيارَ لهُنَّ؛ لأنَّه لا حاجَةَ بهنَّ إلى الفَسْخِ، لكَوْنِه يَحْصُلُ بإقامَتِهنَّ على الشِّرْكِ، بخِلافِ التي قَبْلَها. وليس بصحيحٍ، فإنَّ السَّبَبَ مُتَحَقِّقٌ، وقد يَبْدُو لهنَّ الإِسْلامُ، وهو واجِبٌ عليهنَّ. فإن قِيلَ: فإذا أسْلَمْنَ اخْتَرْنَ الفَسْخَ. قُلْنا: يَتَضَرَّرْنَ بطولِ العِدَّةِ، فإنَّ ابْتِداءَها مِن حينِ الفَسْخِ، ولذلك ملَكْنَ الفَسْخَ فيما إذا أسْلَمْنَ وعَتَقْنَ قبلَه. فأمَّا إنِ اخْتَرْنَ المُقَامَ، وقُلْنَ: قَدْ رَضِينَا بالزَّوْجِ. فذَكَر القاضي أنَّه يَسْقُطُ خيارُهُنَّ؛ لأنَّها حالةٌ يَصِحُّ فيها اخْتِيارُ الفَسْخِ، فَصَحَّ فيها اخْتِيارُ الإِقامَةِ، كحالِ اجْتِماعِهم على الإِسْلامِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا يَسْقُطُ خِيارُهُنَّ (١)، لأنَّ اختيارَهُنَّ للإقامَةِ ضِدُّ الحالةِ التي هُنَّ عليها، وهي جَرَيَانُهُنَّ إلى البَينُونَةِ، فأشْبَهَ ما لو ارْتَدَّتِ الرَّجْعِيَّةُ، فراجَعَها الزَّوجُ حال رِدَّتِها. وهذا يَبْطُلُ بما إذا قال: إذا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ فأنْتِ طَالِقٌ. ثم عَتَقَتْ، فاختارَتْ زَوْجَها.


(١) في م: «اختيارهن».