الثالثُ، في وجوبِه، وهو واجِبٌ حَتْمٌ في حَقِّ مَن قَتَل وأخَذَ المالَ، لا يَسْقُطُ بعَفْو ولا غيرِه. وقال أصحابُ الرَّأْى: إن شاءَ الإِمامُ صَلَب، وإن شاءَ لم يَصْلِبْ. ولَنا، حديثُ ابنِ عباسٍ، أنَّ جبريلَ نَزَل بأنَّ مَن قَتَل وأخَذَ المالَ صُلِبَ (١). ولأنَّه شُرِعَ حَدًّا، فلم يُتَخَيَّرْ بينَ فِعْلِه وتَرْكِه، كالقَتْلِ وسائرِ الحدودِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا اشْتُهِرَ أنْزِلَ، ودُفِعَ إلى أهلِه، فيُغَسَّلُ ويُكَفَّنُ، ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَنُ.
فصل: فإن ماتَ قبلَ قَتْلِه، لم يُصْلَبْ؛ لأَنَّ الصَّلْبَ من تَمامِ الحَد، وقد فاتَ الحَدُّ بمَوْتِه، فيَسْقُطُ ما هو من تَمامِه. وإن قَتَلَ في المُحارَبَةِ بمُثَقَّل، قُتِلَ، كما لو قَتَل بمُحَدَّدٍ؛ لاسْتِوائِهما في وُجُوبِ القِصَاصِ بهما. وإن قَتَل بآلةٍ لا يجبُ القِصاصُ بالقتلِ بها، كالسَّوْطِ والعَصا والحَجَرِ الصَّغِيرِ، فالظَّاهِرُ أنَّهم يُقْتَلُون أيضًا؛ لأنَّهم دَخَلُوا في العُمُومِ.
٤٥٣٨ - مسألة:(وإن جَنَى جِنايةً تُوجِبُ القِصاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فهل يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤه؟ على رِوايَتَيْن) إذا جَرَح المُحارِبُ جُرْحًا