للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ طَعَامًا، أَوْ عَلَفًا،

ــ

أيَطَؤُها؟ فقال: كيفَ يَطَؤُها، ولَعَلَّ غيرَه منهم يَطؤُها! قال الأثْرَمُ: قلتُ له: فلَعَلَّها تَعْلَقُ بوَلَدٍ، فيَكُونُ معهم. فقال: وهذا أيضًا. وأمَّا الذى يدْخُلُ إليهم بأمانٍ، كالتّاجِرِ ونحوِه، فهو الذى أرادَ الخِرَقِىُّ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى، فلا يَنْبَغِى له أن يَتَزَوَّجَ؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ أن تَأْتِىَ امْرَأتُه بوَلَدٍ، فيَسْتَوْلِىَ عليه الكُفّارُ، ورُبَّما نَشَأَ بينَهم، فيصيرُ على دينِهم. فإن غلَبَتْ عليه الشَّهْوَةُ، أُبِيحَ له نِكاجُ مُسْلِمَةٍ؛ لأنَّه حالُ ضَرُورَةٍ، ويَعْزِلُ عنها كيْلا تَأْتِىَ بوَلَدٍ. ولا يَتَزَوَّجُ منهم؛ لأنَّها تَغْلِبُه على وَلَدِها، فيَتْبَعُها على دِينِها. قال القاضى: قولُ الخِرَقِىِّ هذا نَهْىُ كَراهَةٍ، لا نَهْىُ تَحْريمٍ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (١). ولأنَّ الأصْلَ الحِلُّ، فلا يَحْرُمُ بالشَّكِّ والتَّوَهُّمِ، وإنَّما كَرِهْنا له التَّزَوُّجَ منهم مَخافَةَ أن يغْلِبُوا على وَلَدِه، فيَسْتَرِقُّوه، ويُعَلِّمُوه الكفرَ، ففى تَزْويجه تعْرِيضُه لهذا الفَسادِ العظيمِ، وازْدادَتِ الكَراهَةُ إذا تَزَوَّجَ منهم؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّ امرأتَه تغْلِبُه على وَلدِها، فتُكَفِّرُه، كما أنَّ حُكْمَ الإِسْلامِ يَغْلِبُ للإسْلامِ فيما إذا أسْلَمَ أحَدُ الأبَوَيْن، أو تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً. وإذا اشْتَرَى منهم جارِيَةً، لم يَطَأْها في الفَرْجِ في أرْضِهم؛ مخَافَةَ أن يَغْلِبُوه على وَلَدِها، فيَسْتَرِقُّوه ويُكَفِّرُوه.

١٤٣٥ - مسألة: (ومَن أخَذَ مِن دارِ الحَرْبِ طعامًا، أو عَلَفًا،


(١) سورة النساء ٢٤.