فأذَّنَ وأقام، فصَلَّى بهم في جَماعَةٍ. رَواه الأثْرَمُ (١). وإن شاء صَلَّى مِن غيرِ أذانٍ ولا إقامَةٍ، قال عُرْوَةُ: إذا انْتَهَيْتَ إلى مَسْجِدٍ قد صَلَّى فيه ناسٌ أذَّنُوا وأقامُوا، فإنَّ أذانَهم وإقامَتَهم تُجْزِىُّ عَمَّن جاء بعدَهم. وهذا قولُ الحسنِ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، إلّا أنَّ الحسنَ قال: كان أحَبَّ إليهم أن يُقِيمَ. وإن أذَّنَ أخْفَى ذلك؛ لئلًا يَغُرَّ النّاسَ.
فصل: وإن أذَّنَ المُؤَذِّنُ وأقام، لم يُسْتَحَبَّ لسائِرِ النّاسِ أن يُؤَذِّنَ كلُّ إنْسانٍ في نَفْسِه ويُقيمَ، بعدَ فَراغِ المُؤَذِّنِ، لكنْ يقُولُ كما يقولُ المُؤَذِّنُ؛ لأنَّ السُّنَّةَ إنَّما وَرَدَتْ بِهذا.
٢٧٧ - مسألة:(وهل يُجْزِئُ أذانُ المُمَيِّزِ للبالِغِين؟ على رِوايَتَيْن) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الأذانَ لا يَصِحُّ إلَّا من مُسْلِمٍ عاقِلٍ ذَكَرٍ، فأمَّا الكافِرُ والمَجْنُونُ والطِّفْل، فلا يَصِحُّ أذانُهُم؛ لأنَّهم لَيْسُوا مِن أهلِ العِباداتِ. ولا يُعْتَدُّ بأذانِ المرأةِ؛ لأنَّه لا يُشْرَعُ لها الأذانُ، أشْبَهَتِ المَجْنُونَ، ولأنَّ رَفْعَ صَوْتِها مَنْهِىٌّ عنه، وإذا كان كذلك خَرَج عن كَوْنِه قُرْبَةً، فلم يَصِحَّ،
(١) أخرجه ابن أبى شيبة, في: باب الرجل يجئ المسجد وقد صلوا أيؤذن، ويقيم، من كتاب الأذان والإقامة. مصنف ابن أبى شيبة ١/ ٢٢١.