للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ بِحَالٍ،

ــ

لقولِ اللهِ تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} (١). فقَدَّمَ ذِكْرَ الرِّجالِ. ولأنَّ فيه مُبالَغةً في طاعَةِ اللهِ، وخُرُوجًا مِن الخِلافِ. وإن كان يَسْألُ النَّاسَ، كُرِهَ الحَجُّ له؛ لأنَّه يُضَيِّقُ على النّاسِ، ويَحْصُلُ كَلًّا عليهم في الْتِزامِ ما لا يَلْزَمُه. وسُئِلَ أحمدُ عمَّن يدْخُلُ البادِيَةَ بلا زادٍ ولا راحِلَةٍ؟ فقالَ: لا أُحِبُّ له ذلك، هذا يَتَوَكَّلُ على أزْوادِ النّاسِ.

١١٣٨ - مسألة: (ولا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا ببَذلِ غيرِه بحالٍ) لا يَلْزَمُه الحَجُّ ببَذْلِ غيرِه له، ولا يَصِيرُ مُسْتَطيعًا بذلك، سَواءٌ كان الباذِلُ قَرِيبًا أو أجْنَبِيًّا، وسَواءٌ بَذَل له الرُّكُوبَ والزَّادَ، أو بَذَل له مالًا. وهو قولُ الأكْثَرِين. وعن الشافعىِّ، أنَّه إذا بَذَلَ له وَلَدُه ما يَتَمَكَّنُ به مِن الحَجِّ لَزِمَه؛ لأنَّه أمْكَنَه الحَجُّ مِن غيرِ مِنَّةٍ تَلْزَمُه، ولا ضَرَرٍ يَلحَقُه، فلَزِمَه الحَجُّ، كما لو مَلَك الزّادَ والرّاحِلَةَ. ولَنا، أنَّ قولَ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يُوجِبُ الْحَجِّ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» (٢). يَتَعَيَّنُ فيه تَقْدِيرُ مِلْكِ ذلك، أو مِلْكِ ما يحْصُلُ به، بدَلِيلِ ما لو كان أجْنَبِيًّا، ولأنَّه ليس بمالِكٍ للزّادِ والرَّاحِلَةِ، ولا ثَمَنِهما، فلم يَلْزَمْه الحَجُّ، كما لو بَذَل له والِدُه. ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا يَلْزَمُه مِنَّةٌ، ولو


(١) سورة الحج ٢٧.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٤٣.