لأنه شَرَط المجعْلَ برَدِّه، ولم يَرُده. وكذلك لو ماتَ. كما لو اسْتَأجَرَ لخِياطَةِ ثَوْبٍ، فخاطَه ولم يُسَلِّمْه حتى تَلِف، لم يَسْتَحِق أجْرَةً. فإن قيل: فإن كان الجاعِلُ قد قال: مَن وَجَدَ لُقَطِتي فله دِينار. فقد وُجد الوجْدانُ؟ قُلْنا: قَرِينَةُ الحالِ تَدُلُّ على اشْتِراطِ الرَّدِّ إذ المَقْصُودُ الرَّدُّ لا الوجْدانُ المُجَرَّدُ، وإنَّما اكْتَفَى بذِكْرِ الوجْدانِ؛ لأنه سَبَبُ الردِّ، فصارَ كأنه قال: مَن وَجَد لُقَطِتي فرَدها عَلَيَّ فله دِينار.
٢٤٩٣ - مسألة:(وإن فَعَلَه قبلَ ذلك لم يَسْتَحِقَّه، سواء رَده قبلَ بُلُوغِه الجعل أو بعدَه) إذا الْتَقَطَ لُقَطَةً قبلَ أن يَبلُغه الجُعْلُ، لم يَسْتَحِقَّ الجُعْلَ؛ لأنه الْتَقَطَها بغيرِ عِوَض، وعَمِل في مالِ غيرِه بغيرِ جُعْل جُعِل (١) له، فلم يَسْتَحِق شيئًا، كما لو الْتَقَطَها ولِم يَجْعَلْ رَبها فيها شيئًا. وفارَقَ المُلْتَقِطَ بعدَ بُلُوغِ الجُعْلِ، فإنه إنما بَذلَ مَنافِعَه بعِوَض جُعِل له، فاسْتَحَقه، كالأجِيرِ إذ عَمِل بعدَ العَقْدِ. وسَواء كان الْتِقاطُه لها بعدَ الجُعْلِ أو قبلَه؛ لِما ذَكَرناه. ولا يَسْتَحِق أخْذَ الجُعْلِ برَدِّها؛ لأنَّ الرَّد واجِبٌ عليه مِن غيرِ عِوَض، فلم يَجُزْ أخْذُ العِوَضِ عن الواجِب، كسائِرِ الواجِباتِ، وسَواء رَدها قبلَ العِلْمِ بالجُعْلِ أو بعدَه؛ لذلك، وإنما يَأخُذُه المُلْتَقِطُ في مَوْضِع يَجُوزُ له أخْذُه عِوَضًا عن الالْتِقاطِ المُباحِ.