للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يُغْنَمُ لَهُمْ مَالٌ، وَلَا تُسْبَى لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ.

ــ

لا يُجِيزُونَ على جَرِيح، ولا يَقْتُلُونَ مُوَلِّيًا، ولا يَسْلُبونَ قتيلًا (١). ورَوَى القاضي، في «شَرْحِه»، عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، مَا حُكْمُ مَنْ بَغَى عَلَى أُمَّتِي؟» فقلتُ: الله ورسولُه أعْلَمُ. فقال: «لَا يُتْبَعُ مُدْبرُهُمْ، ولَا يُجَازُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا يُقْتَلُ أسِيرُهُمْ، وَلَا يُقْسَمُ فيئُهُمْ» (٢). ولأنَّ المقصودَ دَفْعُهم وكَفُّهم، وقد حَصَل، فلم يَجُزْ قَتْلهم، كالصائلِ، ولا يُقْتَلُون لِما يُخاف في ثاني الحالِ، كما لو لم تَكُنْ لهم فِئَةٌ. فعلى هذا، إذا قَتَل إنْسانًا مُنِعَ من قَتْلِه، ضَمِنَه؛ لأنَّه قَتَل مَعْصُومًا، لم يُؤْمَرْ بقتلِه. ويجبُ عليه القِصاصُ في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه قَتَل مُكافِئًا مَعْصُومًا. والثاني، لا يجبُ؛ لأنَّ في قَتْلِهِم اخْتِلافًا بينَ الأئِمَّةِ، فكانَ ذلك شُبْهَةً دارِئَةً للقِصاصِ؛ لأنَّه ممَّا يَنْدَرِي بالشُّبُهاتِ. وأمَّا أسِيرُهم، فإن دَخَل في الطَّاعةِ، خُلِّيَ سَبِيلُه.

٤٥٦١ - مسألة: (ولا يُغْنَمُ لهم مالٌ، ولا تُسْبَى لهم ذُريَّة) ولا نعلمُ في تَحْريمِه بينَ أهلِ العلمِ خِلافًا؛ لِما ذَكَرْنا من حديثِ أبي أُمَامَةَ، وابنِ مسعودٍ، ولأنَّهم مَعْصُومون، وإنَّما أُبِيحَ مِن دِمائِهم وأمْوالِهم ما حَصَل من ضَرُورةِ دَفْعِهم وقِتالِهم، وما عَداه يَبْقَى (٣) على أصْلِ


(١) أخرجه الحاكم، في: باب حكم البغاة من هذه الأمة، من كتاب قتال أهل البغي. المستدرك ٢/ ١٥٥. والبيهقي، في: باب أهل البغي إذا فاءُوا. . . .، من كتاب قتال أهل البغي. السنن الكبري ٨/ ١٨٢.
(٢) أخرجه الحاكم، والبيهقي في الموضعين السابقين، وهو حديث ضعيف. انظر الإرواء ٨/ ١١٤.
(٣) في الأصل: «باقي».