قال: يُطْعِمُ شيئًا، وإن أراقَ دَمًا أحَبُّ إلىَّ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَه، فيكونُ نُسُكًا. ولَنا، أنَّه دُعاءٌ ووُقُوفٌ مَشْرُوعٌ، فلم يَجِبْ بتَرْكِه دَمٌ، كحالَةِ رُؤْيَةِ البَيْتِ، وكسائِرِ الأدْعِيَةِ، والنبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَفْعَلُ الواجِباتِ والمَنْدُوباتِ، وقد ذَكَرْنا الدَّلِيلَ على أنَّه مَنْدُوبٌ.
١٣١٥ - مسألة:(والتَّرْتِيبُ شَرْطٌ في الرَّمْى. وفى عَدَدِ الحَصَى رِوايَتان؛ إحداْهُما سَبْعٌ. والأُخْرَى، يُجْزِئُه خَمْسٌ) التَّرْتِيبُ في هذه الجَمَراتِ واجِبٌ، على ما ذَكَرْناه. فإن نَكَسَ، فبَدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ، ثم الثَّانيةِ، ثم الأُولَى، أو بَدَأ بالوُسْطَى، ورَمَى الثَّلاثَ، لم يُجْزِئْه إلَّا الأُولَى، وأعادَ الوُسْطَى والقُصْوَى. نَصَّ عليه أحمدُ. وإن رَمَى القُصْوَى، ثم الأُولَى، ثم الوُسْطَى، أعادَ القُصْوَى وَحْدَها. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال الحَسَنُ، وعَطاءٌ: لا يَجِبُ التَّرْتِيبُ. وهو قَوْلُ أبى حنيفةَ، فإنَّه قال: إذا رَمَى مُنْكِسًا، يُعِيدُ، فإن لم يَفْعَلْ أجْزَأه. واحْتَجَّ بعضُهم بما رُوِى عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال:«مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا بَيْنَ يَدَىْ نُسُكٍ فَلَا حَرَجَ»(١). ولأنَّها مَناسِكُ مُتَكَرِّرَةٌ، وفى أمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ في وَقْتٍ
(١) أخرجه البيهقى في: باب التقديم والتأخير في عمل يوم النحر، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٤٤.