للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ أوْ بِعَرَفَةَ، جَمَعَ وَحْدَه.

ــ

حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: لا يُجْزِئُه؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَع بينَ الصَّلَاتيْن، فكان نُسُكًا، وقد قال عليه السلامُ: «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» (١). ولَنا، أنَّ كلَّ صَلاتَيْن جازَ الجَمْعُ بينَهما جازَ التَّفْرِيقُ بينَهما، كالظُّهْرِ والعَصْرِ بعَرَفةَ، وفِعْلُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَحْمُولٌ على الأفْضَلِ، وما ذَكَرُوه يَبْطُل بالجَمْعِ بعَرَفَةَ.

١٢٩٣ - مسألة: (ومَن فاَتَتْه الصلاةُ مع الإِمامِ بعَرَفَةَ أو بمُزْدَلِفَةَ، جَمَع وَحْدَه) لا نَعْلَمُ خِلافًا في أنَّه إذا فاتَه الجَمْعُ مع الإِمامِ بمُزْدَلِفَةَ، أنَّه يَجْمَعُ وَحْدَه؛ لأنَّ الثانِيَةَ منهما تُصَلَّى في وَقتِها. وكذلك لو فَرَّقَ بينَهما، لم يَبْطُلِ الجَمْعُ. وقد روَى أسامَةُ، قال: ثم أُقِيمَتِ الصلاةُ، فصَلَّى المَغْرِبَ، ثم أناخَ كلُّ إنْسانٍ بَعِيرَه في مَنْزِلِه، ثم أُقِيمتِ العِشَاءُ، فصَلَّاها (٢). وكذلك حُكْمُ مَن فاتَه الجَمْعُ مع الإِمامِ بعَرَفَةَ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، فإنَّه يَجْمَعُ وَحْدَه أيضًا. فَعَلَه ابنُ عُمَرَ. وبه قال عَطاءٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا يَجْمَعُ إلَّا مع الإِمامِ؛ لأنَّ لكلِّ صلاةٍ وَقْتًا مَحْدُودًا، وإنَّما تُرِكَ ذلك في الجَمْعِ مع الإِمامِ، فإذا لم يَكُنْ إِمامٌ، رَجَعْنَا إلى الأصْلِ. ولَنا، فِعْلُ ابنِ عُمَرَ، ولأنَّ كلَّ


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٨٧.
(٢) تقدم تخريج حديث أسامة في صفحة ١٧٦.