وبهذا قال مالكٌ، والشّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تجِبُ بالتَّسَبُّبِ؛ لأنَّه ليس بقتْلٍ، ولأنَّه ضَمِنَ بَدَلَه بغيرِ مُباشَرَةٍ للقَتْلِ، فلم تَلْزَمْه الكفَّارةُ كالعاقِلَةِ. ولَنا، أنَّه كالمباشَرَةِ في الضَّمانِ، فكان كالمُباشَرَةِ في الكفَّارةِ، ولأنَّه سَبَبٌ لإِتْلافِ الآدَمِىِّ، يتَعَلَّقُ به ضَمان، فتَعَلَّقَتْ به الكفَّارَةُ، كما لو كان راكِبًا فأَوطأَ دابَّتَه إنْسانًا. وقِياسُهم ينْتَقِضُ بالأبِ إذا أكْرَهَ إنْسانًا على قَتْلِ ابْنِه، فإنَّ الكفَّارَةَ تَجِبُ عليه مِن غيرِ مُباشَرَةٍ، وفارَقَ العاقِلَةَ، فإنَّها تتحَمَّلُ عن غيرِها، ولم يَصْدُرْ منها قَتْل ولا سَبَبٌ إليه. وقولُهم: ليس بقتلٍ. مَمْنُوعٌ. قال القاضى: ويَلْزَمُ الشُّهُودَ الكفَّارةُ، سواءٌ قالوا: أخْطَأْنا. أو: تَعَمَّدْنا. وهذا يَدُلُّ على أنَّ القَتْلَ بالسَّبَبِ تجبُ به الكفَّارَةُ بكُلِّ حالٍ، ولا يُعْتَبَرُ فيه الخَطَأُ والعَمْدُ؛ لأنَّه وإن قصَد القَتْلَ، فهو جارٍ مَجْرَى الخَطَأ، في أنَّه لا يَجِبُ به القِصاصُ.
٤٣٥١ - مسألة: ومَن شارَكَ في قَتْلٍ يُوجِبُ الكَفَّارَةَ، لَزِمَتْه كَفَّارَةٌ، ويَلْزَمُ كلَّ وَاحِدٍ مِن شُرَكائِه كَفَّارَهٌ. هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الحسنُ، وعِكْرِمَةُ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. (وعن أحمدَ، أنَّ على المُشْتَرِكينَ كَفَّارَةً واحدةً)