للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ.

ــ

لأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما ثَبَت بنَصِّ القُرْآنِ، ثم يُحَدُّ للشُّرْبِ. ولَنا، أنَّ حَدَّ الشُّرْبِ أَخَفُّ، فيُقَدَّمُ، كحَدِّ القَذْفِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ حَدَّ الشُّرْبِ غيرُ منْصوصٍ عليه، فإنَّه مَنْصُوصٌ عليه في السُّنَّةِ، ومُجْمَعٌ على وُجُوبِه، وهذا التَّقْدِيمُ (١) على سَبِيلِ الاسْتِحْباب. ولو بَدَأ بغيرِه جازَ ووَقَع المَوْقِعَ. ولا يُوالِى بينَ هذه الحُدودِ، لأنَّه رُبَّما أفْضَى إلى تَلَفِه، بل متى بَرَأ مِن حَدٍّ أُقِيمَ عليه الذى يَلِيه.

٤٣٩٤ - مسألة: (وأمَّا حُقُوقُ الآدَمِيِّينَ، فتُسْتَوْفَى كلُّهَا، سَواءٌ كان فيها قَتْلٌ أوِ لم يَكُنْ. ويُبْدَأُ بغيرِ القَتْلِ) وهى القِصاصُ، وحَدُّ القَذْفِ، فهذه تُسْتَوْفى كلُّها، ويُبْدَأُ بأخَفِّها، فيُحَدُّ للقَذْفِ، ثم يُقْطَعُ، ثم يُقْتَلُ، لأنَّها حُقوق لآدَمِيِّينَ أمْكَنَ اسْتِيفاؤُها، فوَجَب، كسائِرِ حُقوقِهم. وهذا قولُ الأوْزَاعِىِّ، والشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَدْخُلُ ما دُونَ القَتْلِ فيه؛ لِما رُوِى عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ أنَّه قال: إذا اجْتَمَعَ حَدَّانِ، أحَدُهما القَتْلُ، أحاطَ القَتْلُ بذلك. رَواه سعيدٌ في «سُنَنِه» (٢).


(١) في النسخ: «التقدير». وانظر المغنى ١٢/ ٤٨٩.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢١٢.