للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا، حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِين، إلا إِمَاءَ أهْلِ الْكِتَابِ.

ــ

٣١٧١ - مسألة: (و) كلُّ (مَن حَرُم نِكاحُها حَرُم وَطْؤُها بمِلْكِ اليمينِ، إلَّا إماءَ أهْلِ الكتابِ) الكلامُ في هذه المسألةِ في فصلَين؛ أحدُهما، أنَّ إماءَ (١) أهلِ الكتاب حَلالٌ. وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ، إلَّا الحسنَ، فإنَّه كَرِهَه؛ لَأنَّ الأمَةَ الكِتابِيَّةَ يَحْرُمُ نِكاحُها، فحَرُمَ التَّسَرِي بِها، كالمَجُوسِيَّةِ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَو مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ} (٢). ولأنَّها مِمَّن يَحِلُّ نِكاحُ حَرائِرِهم، فحَلَّ له التَّسَرِي بِها، كالمُسْلِمَةِ. فأمَّا نِكاحُها، فيَحْرُمُ؛ لأنَّ فيه إرْقاقَ وَلَدِه، وإبْقَاءَه مع كافِرَةٍ، بخِلافِ التَّسَرِي. الفصلُ الثاني، أنَّ مَن حَرُمَ نِكاحُ حَرائِرِهم مِن المَجُوسِيَّاتِ وسائرِ الكَوافِرِ سِوَى أهلِ الكتابِ، لا يُبَاحُ وَطْءُ الإماءِ منهنَّ بمِلْكِ اليمينِ. في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الزُّهْرِيُّ، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ، والأوْزاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعيُّ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (٣): على هذا جَماعَةُ فُقَهاءِ الأمصارِ، وجمهورُ العلماءِ، وما خالفَه فشُذُوذٌ لا يُعَدُّ خِلافًا، ولم يَبْلُغْنا إباحَةُ ذلك إلَّا عن طاوُسٍ؛ لقولِه تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ


(١) سقط من: م.
(٢) سورة المؤمنون ٦، وسورة المعارج ٣٠.
(٣) انظر: الاستذكار ١٦/ ٢٦٥.