حَدّادًا، أو كانتِ الشّاةُ عَظِيمَةَ الضَّرْعِ خِلْقَةً، فَظَنَّها كَثِيرةَ اللَّبَن، فلا خِيارَ له، لأنَّ ذلك لا يَنْحَصِرُ فيما ظَنَّهُ المُشْتَرِي، لأنَّ سوادَ الأنَامِلِ قد يكونُ لوَلَغٍ، أو خِدْمَةِ كاتِبٍ أو حَدَّادٍ، أو شُرُوعٍ في الكِتَابَةِ، وانْتِفاخُ البَطْنِ يكونُ للأكْلِ، فظنُّ المُشْتَرِي غيرَ ذلك طَمَعٌ لا يَثْبُتُ به الخِيَارُ.
فصل: فإنْ أرادَ إمْساكَ المُدَلَّسِ مع الأرْشِ، لم يكُنْ له ذلك؛ لأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَجْعَلْ له في المُصَرَّاةِ أرْشًا، بل خَيَّرَه بينَ الإِمْسَاكِ والرَّدِّ مع صاعٍ مِن تَمْرٍ. ولأنَّ المُدَلَّسَ ليس بمَعِيبٍ، فلم يَسْتَحِقَّ له أرْشًا. فإنْ تَعَذَّرَ عليه الرَّدُّ بِتَلَفٍ، فَعَلَيه الثَّمَنُ؛ لأَنَّه تَعَذَّرَ عليه الرَّدُّ، ولا أرْشَ له، أشْبَهَ غيرَ المُدَلَّسِ. فإنْ تَعَيَّبَ عندَه قبلَ العِلْمِ بالتَّدْلِيسِ، فله رَدُّه ورَدُّ أرْشِ العَيبِ عندَه وأَخْذُ الثّمَنِ، وإنْ شاءَ أمْسَكَ ولا شيءَ له. وإنْ تَصَرَّفَ في المَبِيعِ بعدَ عِلْمِه بالتَّدْلِيسِ، بَطَلَ رَدُّه، كما لو تَصَرَّفَ في المَبِيعِ المَعِيبِ، وإنْ أَخَّرَ الرَّدَّ مِن غيرِ تَصَرُّفٍ، فحُكْمُه حُكْمُ تَأْخِيرِ رَدِّ المَعِيبِ، على ما نَذْكُرُه إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.