إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَجُوزُ أن يَجْعَلا الرَّهْنَ على يَدَيْ مَن يَجُوزُ تَوْكِيلُه، وهو الجائِزُ التَّصَرُّفِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، عَدْلًا أو فاسِقًا، ذَكرًا أو أنْثَى، ولا يَكُونُ صَبِيًّا؛ لأنَّه غيرُ جائِزِ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا، فإن فَعَلَا، كان قَبْضُه وعَدَمُ القَبْضِ واحِدًا، ولا عَبْدًا بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّ مَنافِعَ العَبْدِ لسَيِّدِه، فلا يَجُوزُ تَضْيِيعُها في الحِفْظِ بغيرِ إذْنِه، فإن أذِنَ له السَّيِّدُ، جازَ. وأمّا المُكاتَبُ، فيَجُوزُ بجُعْل؛ لأنَّ له الكَسْبَ وبَذْلَ مَنافِعِه بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ولا يَجُوزُ بغَيرِ جُعْل؛ لأَنه ليس له التَّبَرُّعُ بمنافِعِه.
١٧٩٩ - مسألة:(وإن شَرَطَ جَعْلَه في يَدِ اثْنَين، فليس لأحَدِهما الانْفِرادُ بحِفْظِه) لأنَّ المُتَراهِنَين لم يَرْضَيا إلَّا بحِفْظِهما معًا، فلم يَجُزْ لأحَدِهما الانْفِرادُ به، كالوَصِيَّين. فإن سَلَّمَه أحَدُهما إلى الآخَرِ، فعليه ضَمانُ النِّصْفِ؛ لأنَّه القَدْرُ الذي تعَدَّى فيه. وهذا أحَدُ الوَجْهَين لأصحابِ الشَّافعيِّ، وفي الآخرِ، إذا رَضِيَ أحَدُهما بإمْساكِ الآخَرِ، جاز. وبهذا قال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان ممَّا يَنْقَسِمُ اقْتَسَماه، وإلَّا فلكلِّ واحِدٍ منهما إمْساكُ جَمِيعِه؛ لأنَّ اجْتِماعَهما على حِفْظِه يَشُقُّ عليهما، فحُمِلَ الأمْرُ على أنَّ لكلِّ واحِدٍ منهما الحِفْظَ. ولَنا، أنَّ المُتَراهِنَين لم يَرْضَيا إلَّا بحِفْظِهما معًا، فلم يَجُزْ لأحَدِهما الانْفِرادُ بذلك، كالوَصِيَّيْن، لا يَجُوزُ لأحَدِهما الانْفِرادُ بالتَّصَرُّفِ. قَوْلُهم: إنَّ