وفُقهاءِ الصَّحابَةِ، وهم أعْلَمُ بحَدِيثِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وسُنَّتِه ومَعانِيها، فكان أوْلَى مِن قولِ مَن خالفَهُم. الخامسُ، أنَّ ما ذَهَبْنا إليه مُجْمَعٌ عليه على ما رَواه أبو جَعْفَرٍ، رَحْمَةُ اللهِ عليه، وما رُوِيَ في مُخالفَتِه فقد بَيَّنَا فَسادَهُ، فيكونُ هذا إجْماعًا مِن الصَّحابَةِ، رَضِيَ الله عنهم، فلا يَسُوغُ لأَحَدٍ خِلافُه. والقِياسُ يَقْتَضِيه، فإنَّ الأرْضَ عَينٌ تَنَمَّى بالعَمَلِ، فجازَتِ المُعامَلَةُ عليها ببعضِ نَمائِها، كالمالِ في المُضارَبَةِ، والنَّخْلِ في المُساقاةِ. ولأنَّه أرْضٌ، فجازَتِ المُزارعةُ عليها، كالأرْضِ بينَ النَّخِل. ولأنَّ الحاجَةَ داعِية إلى المُزارَعةِ؛ لأنَّ أصحابَ الأرضِ قد (١) لا يَقْدِرُون على زَرْعِها والعَمَلِ عليها، والأَكَرَةُ يَحتاجُون إلى الزَّرْعِ ولا أرْضَ لهم، فاقْتَضتِ الحِكْمةُ جوازَ المُزارَعةِ، كما قُلْنا في المُضارَبةِ والمُساقاةِ، بل ههُنا آكَدُ؛ لأنَّ الحاجَةَ إلى الزَّرْعِ آكَدُ منها إلى غيرِه؛ لكَوْنِه قُوتًا، ولأنَّ الأرْضَ لا يُنْتَفَعُ بها إلا بالعَمَلِ فيها، بخِلافِ المالِ. واللهُ أعلمُ.
٢١٣٤ - مسألة:(فَإِنْ كَانَ في الْأَرْضِ شَجَرٌ، فَزَارَعَهُ الأَرْضَ، وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ، صَحَّ) سواء قَلَّ بَياضُ الأرضِ أو كَثُرَ. نَصَّ عليه