لِما ذَكَرْنا مِن النَّصِّ في أوَّلِ الباب مع الإِجْماعِ على ذلك. وفي مَعْناه، مَن ثَبَتَتْ إمامَتُه بعَهْدٍ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو بعَهْدِ إمام قبلَه إليه، فإنَّ أبا بكرٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، ثَبَتَتْ إمامَتُه بإجْماعِ الصحابةِ على بَيعَتِه، وعِمرَ ثَبَتَت إمامَتُه بعَهْدِ أبي بكرٍ إليه، وإجْماعِ الصحابةِ على قَبولِه. ولو خرَج رجلٌ على إمام، فقَهَرَه، وغَلَب الناسَ بسَيفِه حتى أقَرُّوا له، وأذْعَنُوا بطاعَتِه، وبَايَعُوه صارَ إمامًا يَحْرُمُ قِتالُه، والخرُوجُ عليه؛ فإنَّ عبدَ الملكِ بنَ مَرْوانَ، خرَج على ابنِ الزُّبَيرِ، وقَتَلَه، واسْتَوْلَى على البلادِ وأهْلِها، حتى بايَعُوه طَوْعًا وكَرْهًا، وصارَ إمامًا يَحْرُمُ الخُرُوجُ عليه؛ وذلك لِما في الخُروجِ عليه من شَقِّ عَصَا المسلمين، وإراقَةِ دِمائِهم، وذَهابِ أمْوالِهم، ويَدْخل الخارجُ عليه في عُمُومِ قولِه عليه الصلاةُ والسلامُ:«مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، وهُمْ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بالسَّيفِ، كَائِنًا مَنْ كَانَ»(١). فَمَن خَرَج على مَن ثَبَتَتْ إمامَتُه بأحدِ هذه الوُجُوهِ باغِيًا، وَجَبَ قِتالُه.
٤٥٥٢ - مسألة: (وعلى الإِمامِ أنَّ يُرَاسِلَهم، ويَسْأَلهُمْ ما يَنْقِمُون منه، ويُزِيلَ ما يَذْكُرُونَه من مَظْلِمَةٍ، ويَكْشِفَ ما يَدَّعُونَه مِنْ شُبْهَةٍ،