تَكْرَهُه وتُبْغِضُه، وذلك أعْظَمُ مِن ضَرَرِ طُولِ العِدَّةِ، فجازَ دَفْعُ أعْلاهما بأدْناهما، ولذلك لم يسْألِ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُخْتَلِعَةَ عن حالِها، ولأَنَّ ضرَرَ تَطْويلِ العِدَّةِ عليها، والخُلْعُ بسُؤالِها، فيكونُ ذلك رِضًا منها به، ودليلًا على رُجْحانِ مصْلَحَتِها فيه.
٣٣٧٩ - مسألة:(وإن خالَعَتْه لغيرِ ذلك، كُرِهَ، وَوَقَع الخُلْعُ. وعنه، لا يجوزُ) أي إن خالَعَتْه مع اسْتِقامَةِ الحالِ، كُرِهَ لها ذلك، ويَصِحُّ الخُلْعُ في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشافعىُّ. وعن أحمدَ ما يدُلُّ على تَحْرِيمِه؛ فإنَّه قال: الخُلْعُ مثلُ حديثِ سَهْلَةَ، تَكْرَهُ الرَّجُلَ فتُعْطِيه المَهْرَ، فهذا الخُلْعُ. وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يكونُ الخُلْعُ صحيحًا إلَّا في هذه الحالِ. وهذا قولُ ابنِ المُنْذِرِ وداودَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: رُوِى معْنى ذلك عن ابنِ عبَّاسٍ وكثيرٍ مِن أهلِ العلمِ؛ وذلك لأَنَّ اللَّهَ تعالى قال:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. وهذا صَرِيحٌ في التَّحْرِيمِ إذا لم يخافا ألَّا يُقيمَا حُدودَ اللَّهِ، ثم قال:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فِلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. فَدَلَّ بمفْهُومِه