أحدًا. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْي؛ وذلك أنَّه لا يَرِثُ المسلمَ، لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَرِثُ الكافِرُ المسْلِمَ (١)». ولا يَرِثُ الكافِرَ؛ لأنَّه يُخالِفُه في حُكْمِ الدينِ، لأنَّه لا يُقَرُّ عَلى كُفْرِه، فلم يَثْبُتْ له حُكْمُ الدِّينِ الذي انْتَقَلَ إليه، ولهذا لا تَحِلُّ ذَبيحَتُه، ولا نِكَاحُ نسائِهم وإنِ انْتَقلوا إلى دينِ أهلِ الكِتابِ. ولأنَّ المُرْتَدَّ تزولُ أمْلاكُه الثَّابِتَةُ له أو اسْتِقْرارُها، فلأَن لا يثْبُت له مِلْكٌ أوْلَى. ولو ارتَدَّ مُتَوارِثان فمات أحدُهما لم يَرِثْه الآخرُ؛ لأنَّ المُرْتَدَّ لا يَرِثُ ولا يُورَثُ. فإن أسْلَمَ قبلَ قَسْمِ الميراثِ وَرِثَ؛ لما ذكرْنا مِن الحديثِ، وقد ذكرناه والخلافَ فيه.
فصل: والزِّنْدِيقُ كالمُرْتَدِّ فيما ذكرنا. والزِّنْدِيقُ الذي يُظْهِرُ الإسلامَ ويَسْتَسِرُّ الكُفْرَ، وهوْ الذي كان يُسَمَّى منافِقًا في عَصْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ويُسَمَّى اليومَ زِنْديقًا. قال أحمدُ: مالُ الزِّنْديقِ في بَيتِ المالِ.
٢٨٥٤ - مسألة:(وإن مات على رِدَّتِه فمالُه فَيْءٌ. وعنه، أنَّه لِوَرَثَتِه مِن المسلمين. وعنه، أنَّه لوَرَثَتِه مِن أهْلِ الدينِ الذي اخْتَارَه)
(١) بعده في م: «ولا المسلم الكافر». والحديث تقدم تخريجه في صفحة ٢٦٦.