وذَكَرَ القاضي أنَّه يَبَرُّ بتَعْجِيلِه عن وَقْتِه. وحُكِيَ ذلك عن بعضِ أصحابِ أبي حنيفةَ. ولَنا، أنَّه لم يَفْعَلِ المَحْلوفَ عليه في وَقْتِه، من غيرِ نِيَّةٍ تَصْرِفُ يَمِينَه، ولا سَبَبٍ، فيَحْنَثُ، كالصِّيام. ولو فَعَل بعضَ المَحْلوفِ عليه قبلَ وَقْتِه، وبعضَه في وَقْتِه، لم يَبَرَّ؛ لأَنَّ اليَمِينَ في الإِثْباتِ لا يَبَرُّ فيها إلَّا بفِعْلِ جميعِ المَحْلوفِ عليه، فتَرْكُ بعضِه في وَقْتِه كتَرْكِ جَمِيعِه، إلَّا أن يَنْويَ أن لا يُجاوزَ ذلك الوَقْتَ، أو يَقْتَضِيَ ذلك سَبَبُها.
٤٧١٩ - مسألة:(وإن حَلَف) أن (لا يَبِيعَ ثَوْبَه إلَّا بمائَةٍ، فباعَه بأكْثَرَ، لم يَحْنَثْ، وإن بَاعَه بِأقَلَّ، حَنِثَ) لأنَّ قَصْدَه أن لا يَبِيعَه بأقَلَّ منها، فحَنِثَ إذا باعَه بالأقَلِّ، ولا يَحْنَثُ إذا باعَه بأكثرَ، لأنَّ قَرِينَةَ الحالِ تَدُلُّ على ذلك، والعُرْف، فهو كما لو حَلَف ليَقْضِيَنَّه حَقَّه غدًا، فقَضاه اليومَ، ومُقْتَضى مذهبِ الشافِعِيِّ أنَّه يَحْنَثُ إذا باعَه بأكثرَ؛ لمُخالفَتِه اللَفْظَ.
فصل: ومَن حَلَف لا يَبِيعُ ثَوْبَه بعَشَرَةٍ، فبَاعَه بها أو بأقَلَّ، حَنِثَ، وإن باعَه بأكْثَرَ، لم يَحْنَثْ. وقال الشافعيُّ: لا يَحْنَثُ إذا باعَه بأَقَلَّ؛ لأنَّه لم تَتَناوَلْه يَمِينُه. ولَنا، أنَّ العُرْفَ في هذا أن لا يَبِيعَه بها ولا بأَقَلَّ منها، بدَلِيلِ أنَّه لو وَكَّلَ في بَيعِه إنْسانًا، وأمَرَه أن لا يَبِيعَه بعَشرةٍ، لم يَكُنْ له بَيعُه بأقَلَّ منها، ولأنَّ هذا تَنْبِيهٌ على امْتِناعِه من بَيعِه