فعَدَتْ بنو بكرٍ على خُزاعَةَ، وأعانَهم بعضُ قُرَيْشٍ، وسَكَتَ الباقُون، فكان ذلك نَقْضَ عَهْدِهم، وسارَ إليهم رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقاتَلَهم. ولأنَّ سُكُوتَهم يَدُلُّ على رِضاهم، كما أنَّ عَقْدَ الهُدْنَةِ مع بعضِهم يدخُلُ فيه جَمِيعُهم؛ لدَلالَةِ سُكَوتِهم على رِضَاهم، كذلك في النَّقْضِ. فإن أنْكَرَ مَن لم يَنْقُضْ على الباقِين، بقولٍ أو فعلٍ ظاهِرٍ أو اعْتِزالٍ، أو راسَلَ الإِمامَ بأنِّى مُنْكِرٌ لِما فَعَلَه النّاقِضُ، مُقِيمٌ على العَهْدِ، لم يَنْتَقِضْ في حَقِّه، ويَأْمُرُه الإِمامُ بالتَّمَيُّزِ، ليَأْخُذَ النّاقِضَ وحدَه، فإنِ امْتَنَعَ مِن التَّمَيُّزِ، أو إسْلامِ النّاقِضِ، صارَ ناقِضًا؛ لأنَّه منَعَ مِن أخْذِ النّاقِضِ، فصارَ بمَنْزِلَتِه، وإن لم يُمْكِنْه التَّمَيُّزُ، لم ينتَقِضْ عَهْدُه؛ لأنَّه كالأسِيرِ. فإن أسَرَ الإِمامُ منهم قومًا، فادَّعَى الأسِيرُ أنَّه لم يَنْقُضْ، وأشْكَلَ ذلك عليه، قُبِلَ قَوْلُ الأسِيرِ؛ لأنَّه لا يُتَوَصَّلُ إلى ذلك إلَّا مِن قِبَلِه.
١٤٩٥ - مسألة: (فمتى رأى المَصْلَحَةَ، جاز له عَقْدُها مُدَّةً