النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ رَأى مع عُمَرَ شيئًا مَكْتُوبًا مِن التوارةِ (١). وذَكَر القاضي أنَّه لو أوْصَى لحُصُرِ البِيَعِ وقَنادِيلها، وما شاكَلَ ذلك، ولم يَقْصِدْ إعْظامَها بذلك، صَحَّتِ الوصيةُ؛ لأنَّ الوصيةَ لأهلِ الذِّمَّةِ، فإنَّ النَّفْعَ يَعُودُ إليهم، والوصيةُ لهم صحيحةٌ. والصحيحُ أنَّ الوصيةَ لا تَصِحُّ بهذا؛ لأنَّ ذلك إنَّما هو إعانةٌ لهم على مَعْصِيَتِهم، وتَعْظِيمٌ لكَنائِسِهم. ونُقِل عن أحمدَ ما يَدُلُّ على صحةِ الوصيةِ مِن الذِّمِّيِّ بخِدْمَةِ الكَنِيسَةِ. والأوَّلُ أوْلَى وأصَحُّ. وإن وَصَّى ببِناءِ بَيتٍ ليَسْكُنَه المُجْتازُون مِن أهلِ الذِّمَّةِ وأهلِ الحَرْبِ، صَحَّ؛ لأنَّ بِناءَ مَساكِنِهم ليس بمَعْصِيَةٍ.
فصل: ولا تَصِحُّ الوصيةُ لكافِرٍ بمُصْحَفٍ ولا عبدٍ مسلمٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ هِبَتُهما له ولا بَيعُهما منه. وإن وَصَّى له بعبدٍ كافِرٍ، فأسْلَمَ قبلَ مَوْتِ المُوصِي، بَطَلَتِ الوصيةُ، وإن أسْلَمَ بعدَ الموتِ وقبلَ القَبُولِ، وقُلْنا: إنَّ المِلْكَ إنَّما ثَبَت حينَ القَبُولِ. بَطَلَتْ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَبْتَدِئَ المِلْكَ على مسلمٍ. وإن قلنا: يَثْبُتُ المِلْكُ بالموتِ قبلَ القَبُولِ. فالوصيةُ صحيحةٌ؛ لأنَّا نَتَبَيَّنُ أنَّهْ أسْلَمَ بعدَ أن مَلَكَه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ أَيضًا، لأنَّه يَأْتِي بسَبَبٍ لَوْلاه لم يَثْبُتِ المِلْكُ، فمنَعَ منه، كابْتِداءِ المِلْكِ.
٢٧٠٥ - مسألة:(ولا) تَصِحُّ (لمَلَكٍ، ولا لبَهِيمَةٍ) ولا لجِنِّيٍّ؛ لأنَّه تَمْلِيكٌ، فلم يَصِحَّ لهم، كالهِبَةِ (ولا) تَصِحُّ (لمَيِّتٍ)