للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالرُّشْدُ الصَّلَاحُ في الْمَالِ.

ــ

١٩٣٩ - مسألة: (والرُّشْدُ الصَّلاحُ في المالِ) وهذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم مالِكٌ، وأبو حَنِيفَةَ. وقال الحَسَنُ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ: الرُّشْدُ الصَّلاحُ في الدِّينِ والمالِ؛ لأنَّ الفاسِقَ (١) غيرُ رَشِيدٍ، ولأنَّ إفْسادَه دِينَه يَمْنَعُ الثِّقَةَ به في حِفْظِ مالِه، كما يَمْنَعُ قَبُولَ قَوْلِه وثُبُوتَ الولايةِ على غيرِه، وإن لم يُعْرَفْ منه كَذِبٌ ولا تَبْذِيرٌ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيهِمْ أَمْوَالهُمْ}. قال ابنُ عباس: يَعْنِي صَلاحًا في أمْوالِهم. وقال مُجاهِدٌ: إذا كان عاقِلًا. ولأنَّ هذا إثْباتٌ في نَكِرَةٍ، ومَن كان مُصْلِحًا لمالِه فقد وُجِد منه رُشْدٌ (٢)، ولأنَّ العَدالةَ لا تُعْتَبَرُ في الرُّشْدِ في الدَّوامِ، فلا تُعْتَبَرُ في الابْتِداءِ، كالزُّهْدِ في الدُّنْيا، ولأنَّ هذا مُصْلِحٌ لمالِه، فأشْبَهَ العَدْلَ، يُحَقِّقُه أنَّ الحَجْرَ عليه إنَّما كان لحِفظِ مالِه عليه، والمُؤثِّرُ فيه ما أَثَّر في تضْيِيعِ المالِ أو حِفظِه. قَوْلُهم: إنَّ الفاسِقَ غيرُ رَشِيدٍ. قُلْنا: هو غيرُ رَشِيدٍ في دِينِه، أمّا في مالِه وحِفْظِه فهو رَشِيدٌ، ثم هو مُنْتَقِضٌ بالكافِرِ فإنَّه غيرُ رَشِيدٍ في دِينِه، ولا يُحْجَرُ عليه لذلك، ولا يَلْزَمُ مِن مَنْعِ قَبُولِ القولِ مَنْعُ (٣) دَفْعِ


(١) في الأصل: «الفاسد».
(٢) في الأصل: «الرشد».
(٣) في م: «منه».