للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَتَزْوِيجُهُمْ إِذَا طَلَبُوا ذَلِك،

ــ

٤٠١٥ - مسألة: (و) عليه (تَزْوِيجُهم إذا طَلَبُوا ذلك) وهذا أحدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ: لا يُجْبَرُ عليه؛ لأن فيه ضَرَرًا عليه، وليس ممَّا تقومُ به البِنْيَةُ، فلم يَلْزَمْه، [كإطْعام الحَلْواءِ] (١). ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (٢). والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجوبَ، ولا يجبُ إلَّا عندَ الطَّلَب. وروَى عِكْرِمَةُ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: مَن كانت له جارِيَةٌ، فلم يُزَوِّجْها، ولم يُصِبْها، أو عَبْدٌ فلم يُزَوِّجْه، فما صَنَعا مِن شئٍ كان على السَّيِّدِ. ولولا وُجُوبُ إعْفافِهما لَما لَحِقَ السيِّدَ الإِثْمُ بفِعْلِهما، ولأنَّه مُكَلَّفٌ محْجُورٌ عليه، دَعَا إلى تَزْوِيجِه، فلَزِمَتْ إجابَتُه، كالمَحْجُورِ عليه للسَّفَهِ، ولأَنَّ النِّكاحَ ممَّا تَدْعُو الحاجةُ إليه غالِبًا، ويتَضَرَّرُ [بفَواتِه، فأُجْبِرَ عليه، كالنَّفَقةِ، ولأنَّه يُخافُ مِن تَرْكِ إعْفافِه الوقوعُ في المَحْظُورِ، بخِلافِ الحَلْواءِ] (٣). إذا ثَبَتَ هذا، فالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بينَ تَزْوِيجِه، أو تَمْلِيكِه أمَةً [يتَسَرَّاها] (٤). وله أن يُزَوِّجَه أمَةً؛ لأَنَّ نِكاحَ الأمَةِ مُباحٌ للعَبْدِ مِن غيرِ شَرْطٍ. ولا يجبُ عليه تَزْوِيجُه إلَّا عندَ طَلَبِه؛ لأَنَّ هذا ممَّا يَخْتَلِفُ الناسُ فيه وفى الحاجةِ إليه، ولا نَعْلَمُ حاجَتَه إلَّا بطَلَبِه.


(١) في الأصل: «كالطعام والحلواء».
(٢) سورة النور ٣٢.
(٣) في الأصل: «به».
(٤) في الأصل، تش: «يتسرى بها».