نازَعَه فيه غيرُه تَعارَضَا، فلم يَكُنْ إلْحاقُه بأحَدِهما أَوْلَى مِن الآخَرِ. الثالثُ، أن يُمكِنَ صدقُه، بأن يكونَ المُقَرُّ به يَحتَمِلُ أن يُولَدَ لمِثْلِ المُقِرِّ. الرابعُ، أن يكونَ مِمَّن لا قَوْلَ له، كالصَّغِير والمَجْنُونِ، أو يُصَدِّقَ المُقِرَّ إن كان ذا قَوْلٍ، وهو المُكَلَّفُ؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ أقَرَّ بِحَقٍّ ليس فيه (١) نَفْعٌ، فَلزِمَ، كما لو أقَرَّ بمالٍ. فإن كان غيرَ مُكَلَّفٍ، لم يُعتَبَرْ تَصْدِيقُه، فإن كَبِرَ وعَقَلَ، فأَنْكَرَ، لم يُسْمَع إنْكارُه؛ لأَنَّ نَسَبَه ثابِتٌ، وجَرَى ذلك مَجْرَى مَن ادَّعَى مِلْكَ عَبْدٍ صَغِيرٍ في يَدِه، وثَبَتَ بذلك مِلْكُه، فلَمَّا كَبِرَ جَحَدَ ذلك. ولو طَلَبَ إحْلافَه على ذلك، لم يُسْتَحْلَفْ؛ لأَنَّ الأبَ لو عاد فجَحَدَ النَّسَبَ، لم يُقْبَل منه. ويَحتَمِلُ أن يَبْطُلَ نَسَبُ المُكَلَّفِ باتِّفاقِهما على الرُّجُوعِ عنه؛ لأنَّه يَثْبُتُ باتِّفاقِهما، فزَالَ برُجُوعِهما، كالمالِ. والأَوَّلُ: أصَحُّ؛ لأنَّه نَسَبٌ ثَبَتَ بالإِقْرارِ، فأشْبَهَ نَسَبَ الصَّغِيرِ والمَجْنُونِ، وفارَق المالَ؛ لأَنَّ النَّسبَ يُحْتاطُ لإِثْباتِه. وإنِ اعتَرفَ إنْسانٌ أنَّ هذا أَبُوه، فهو كاعتِرافِه بأنَّه ابْنُه.
الضربُ الثانى، أن يُقِرَّ عليه وعلى غيرِه، كإقْرارِه بأَخٍ، فسَنَذْكُرُه إن شاءَ اللَّه تعالى.