فصل: فأمَّا الثيبُ (١) الصَّغِيرَهُّ، ففيها وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَجُوزُ تَزْويجُها. وهو ظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ. واخْتِيارُ ابنِ حامدٍ، وابنِ بَطَّةَ، والقاضي، ومَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لعُمُوم الأخْبارِ، ولأنَّ الإجْبارَ يَخْتَلِفُ بالبَكارَةِ والثيوبَةِ، لا بالصِّغَرِ والكِبَرِ، كما اخْتَلَفَ في صِفَةِ الإِذْنِ، ولأنَّ في تَأخِيرِها فائِدَةً، وهي أن تَبْلُغَ فتَخْتارَ لنَفْسِها ويُعْتَبَرَ إذنها، بخِلاف البِكْرِ. الوَجْهُ الثاني، أنَّ لأبِيها تَزْويجَها، ولا يَسْتَأمِرُها. اخْتارَه أبو بكر عبدُ العزيزِ. وهو قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّها صغيرة، فجازَ إجْبارُها، كالبِكْرِ والغُلامِ. يُحَقِّقُ ذلك أنَّها لا تَزِيدُ بالثيوبَةِ على ما حَصَل للغُلامِ بالذُّكُورِيَّةِ، ثم الغُلامُ يُجْبَرُ إذا كان صغيرًا، فكذلك هذه، والأخْبارُ مَحْمُولَة على الكبيرةِ، فإنَّه جَعَلَها أحَقَّ مِن وَلِيِّها، والصَّغِيرَةُ لا حَقَّ لها. ويَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثالثٌ، وهو أنَّ ابْنَةَ تِسْع يُزَوِّجُها وَلِيُّها بإذْنِها، ومَن دُونَ ذلك على ما ذَكَرْنا مِن الخِلافِ؛ لما ذَكَرْنا في البِكْرِ. واللهُ أعلمُ.