للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ، وَالنَّارِ، إلا لِضَرُورَةٍ،

ــ

عليٍّ أَولَى مِن فِعْلِ مَن خالفَه، ولم يَمْتَثِلْ قولَ الله تعالى، ولا قولَ رسولِه، ولا قولَ إمامِه. وقولُهم: فلم يُنْكِرْ قَتْلَه. قُلْنا: لم يُنْقَل إلينا أنَّ عَلِيًّا عَلِمَ حَقِيقةَ الحالِ في قَتْلِه، ولا حَضَر قَتْلَه فيُنكِرَه، وقد جاءَ أنَّ عليًّا، رَضِيَ اللهُ عنه، حينَ طافَ في القَتْلَى رآهُ، فقال: السَّجَّادُ، ورَبِّ الكَعْبَةِ، هذا الذي قَتَلَه (١) بِرُّه بأبِيه. وهذا يَدُلُّ على أنَّه لم يَشْعُرْ بقَتْلِه. ورأى كَعْبَ بنَ سُورٍ، فقال: يَزْعُمون أنَّما خَرَج إلينا الرِّعاعُ، وهذا الحَبْرُ بينَ أظْهُرِهم! ويجوزُ أنَّ يكونَ تَرْكُه الإِنْكارَ عليهم اجْتِزاءً بالنَّهْي المُتَقَدِّمِ، ولأنَّ القَصْدَ من قتالِهم كَفُّهم، وهذا كافٍ لنَفْسِه، فلم يَجُر قَتلُه كالمُنْهَزمِ.

فصل: وإذا قاتَلَ معهم عَبِيدٌ ونِساءٌ وصِبْيانٌ، منهم كالرجلِ الحُرِّ البالغِ، يُقاتَلون مُقْبِلين، ويُتْرَكونَ مُدْبرينَ؛ لأنَّ قِتالهمِ للدَّفْعِ، ولو أرادَ أحدُ هؤلاءِ قتْلَ إنْسانٍ، جازَ دَفْعُه وقِتالُه، وإن أتَى على نفسِه؛ ولذلك قُلْنا في أهلِ الحَرْبِ إذا كان معهم النِّساءُ والصِّبْيانُ: قُوتِلُوا وقُتِلُوا.

٤٥٥٦ - مسألة: (ولا يُقَاتِلُهم بما يَعُمُّ إتْلافُه، كالمنْجَنِيقِ، والنَّارِ، إلَّا لضَرُورَةٍ) لأنَّه لا يجوزُ قَتْلُ مَن لا يُقاتِلُ، وما (٢) يَعُمُّ إتْلافُه يَقَعُ على مَن لا يُقاتِلُ. فإن دَعَتْ إلى ذلك ضَرُورةٌ، مثلَ أنَّ يَحْتاطَ بهم البُغاةُ، ولا يُمْكِنُهم التَّخَلُّصُ إلَّا برَمْيِهم بما يَعُمُّ إتْلافُه، جازَ. وهذا قولُ الشافعيِّ.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) بعده في الأصل: «لا».