للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ اسْتِرْجَاعَهُ، وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ،

ــ

١٧٦٢ - مسألة: (فلا يَمْلِكُ المُقْرِضُ اسْتِرْجاعَه) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ القَرْضَ عَقْدٌ لازِمٌ مِن جِهةِ المُقْرِضِ، جائِزٌ في حَقِّ المُقْتَرِضِ، فلو أرادَ المُقْرِضُ الرُّجُوعَ في عَينِ مالِه لم يَمْلِكْ ذلك. وقال الشافعيُّ: له ذلك؛ لأنَّ كلَّ ما يَمْلِكُ المُطالبَةَ بمِثْلِه، يَمْلِكُ أخْذَه إذا كان مَوْجُودًا، كالمَغْصُوبِ والعارِيَّةِ. ولَنا، أنَّه أزال (١) مِلكَه عنه بعَقْدٍ لازِمٍ مِن غيرِ خِيارٍ، فلم يَكُنْ له الرُّجُوعُ فيه، كالبَيعِ، ويُفارِقُ المَغْصُوبَ والعارِيَّةَ، فإنَّه لم يَزُلْ مِلْكُه عنهما، ولأنَّه لا يَمْلِكُ المُطالبَةَ بمثْلِهِما مع وُجُودِهما، وفي مَسْألَتِنا بخِلافِه.

١٧٦٣ - مسألة: (وله طَلَبُ بَدَلِه) في الحالِ؛ لأنَّه سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ المِثْلِ في المِثْلِيّاتِ، فأوْجَبَه حالًّا، كالإِتْلافِ. ولو أقْرَضَه تَفارِيقَ، ثم طالبَه بها جُمْلَةً، فله ذلك؛ لأنَّ الجَمِيعَ حالٌّ، فأشْبَهَ ما لو باعَهُ بُيُوعًا حالَّةً، ثم طالبَه بثَمَنِها جُمْلَةً. وإن أجَّلَ القَرْضَ، لم يَتَأَجَّلْ. وكلُّ دَينٍ حَلَّ أجَلُه، لم يَصِرْ مُؤَجَّلًا بتَأْجِيلِه. وبه قال الأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالِكٌ، واللَّيثُ: يَتَأَجَّلُ الجمِيعُ بالتَّأْجِيلِ؛ لقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» (٢). ولأنَّ المُتَعاقِدَين يَمْلِكانِ التَّصَرُّفَ في هذا العَقْدِ بالإِقالةِ والإِمْضاءِ، فملَكَا


(١) في ق، م: «زال».
(٢) تقدم تخريجه في ١٠/ ١٤٩.