للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ.

ــ

١٢٤٥ - مسألة: (وكُلَّما قَتَل صَيْدًا حُكِمَ عليه) يَعْنِي يَجِبُ الجَزاءُ بقَتْلِ الصَّيْدِ الثّانِي، كما يَجِبُ إذا قَتَلَه ابْتِداءً. هذا ظاهِرُ المَذْهَبِ. قال أبو بَكْرٍ: وهذا أوْلَى القَوْلَيْن بأبِي عبدِ اللهِ. وبه قال عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وابنُ المُنْذِرِ. وفيه رِوايَةٌ ثانِيَة، أنَّه لا يَجِبُ إلَّا في المَرَّةِ الأُولَى. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عباسٍ. وبه قال شُرَيْحٌ، والحسنُ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَةُ؛ لأنَّ الله تعالى قال: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} (١). ولم يُوجِبْ جَزاءً. وفيه رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، إن كَفَّرَ عن الأوَّلِ، فعليه للثّانِي كَفّارَةٌ، وإلَّا فلا. وقد ذَكَرْناها. ولَنا، أنَّها كَفّارَةٌ عن قَتْلٍ، فاسْتَوَى فيها المُبْتَدِئُ والعائِدُ، كقَتْلِ الآدَمِيِّ، ولأنَّها بَدَلُ مُتْلَفٍ يَجِبُ به المِثْلُ أو القِيمَةُ، فأشْبَهَ بَدَلَ مالِ الآدَمِيِّ. قال أحمدُ: رُوِيَ عن عُمَرَ وغيرِه، أنَّهم حَكَمُوا في الخَطَإِ، وفي مَن قَتَل، ولم يَسْألُوه هل كان قبل هذا قَتَل أو لا؟ والآيَةُ اقْتَضَتِ الجَزاءَ على العائِدِ بعُمُومِها. وذِكْرُ العُقُوبَةِ في الثّانِى لا يَمْنَعُ الوُجُوبَ، كما قال تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٢).


(١) سورة المائدة ٩٥.
(٢) سورة البقرة ٢٧٥.