للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَإنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

ــ

١٠٦٩ - مسألة: (ومَن أكَلَ مُعْتَقِدًا أنَّه لَيْلٌ فبان نَهارًا، فعليه القَضاءُ) وذلك أن يَظُنَّ أنَّ الشمسَ قد غابَتْ، ولم تَغِبْ، أو أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ، وقد طَلَعَ، فيَجِبُ عليه القَضاءُ. هذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن عُرْوَةَ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ، وإسحاقَ: لا قَضاءَ عليهم؛ لِما روَى زيدُ بنُ وَهْبٍ، قال: كُنْتُ جالِسًا في مَسْجِدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في رمضانَ، في زَمَنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، فأُتِينَا بعِساسٍ (١) فيها شَرابٌ مِن بَيْتِ حَفْصَةَ، فشَرِبْنا، ونحن نَرَى أنَّه مِن اللَّيْلِ، ثِم انْكَشَفَ السَّحابُ، فإذا الشمسُ طالِعَةٌ، قال: فجَعَلَ الناسُ يَقُولُونَ: نقْضِى يَوْمًا مَكانَه. فقالَ عُمَرُ: واللهِ لا نَقْضِيه، ما تَجَانَفْنَا لإِثْمٍ (٢). ولأنَّه لم يَقْصِدِ الأكْلَ في الصومِ، فلم يَلْزَمْه القَضاءُ، كالنّاسِى. ولَنا، أنَّه أَكَلِ مُخْتارًا ذاكِرًا للصومِ، فأَفْطَرَ، كما لو أكَلَ يومَ الشَّكِّ، ولأنَّه جَهِل وَقْت الصيام فلم يُعْذَرْ به، كالجَهْلِ بأوَّلِ رمضانَ، ولأَنَّه يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، فأشْبَهَ أكْلَ العامِدِ، وفارَقَ الناسِىَ؛ فإنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وأمّا الخَبَرُ، فرَواه الأثْرَمُ، أَنَّ عُمَرَ قال: مَن أكَلَ فَلْيَقْضِ يَوْمًا مَكانَه (٣).


(١) العساس: جمع العُسّ، وهو القدح الكبير.
(٢) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يرى أن الشمس قد غربت، من كتاب الصيام. المصنف ٣/ ٢٤. والبيهقى، في السنن الكبرى ٤/ ٢١٧.
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة في سياق مغاير، والبيهقى، كلاهما في الموضع السابق.