والشافعي في حُدُودِ اللهِ تعالى. واخْتَلَفَ قَوْلُه في حُدُودِ الآدَمِيِّ، فقال في مَوْضِع: لا كَفالةَ في حَدٍّ ولا لِعانَ. وقال في موضع: تَجُوزُ الكَفالةُ بمَن عليه حَقٌّ أو حَدٌّ؛ لأنَّه حَق لآدَمِيّ، فصَحَّتِ الكَفالةُ به، كسائِرِ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ. ولَنا، ما روَى عَمْرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:«لَا كَفَالةَ في حدٍّ»(١). ولأنَّه حد، فلم تَصِحَّ الكَفالةُ فيه، كَحُدُودِ الله تِعالى، ولأنَّ الكَفالةَ اسْتِيثاق، والحُدُودُ مَبْناها على الإسْقاطِ والدَّرءِ بالشبُهاتِ، فلا يَدخُلُ فيها الاسْتِيثاقُ، ولأنه حَق لا يَجُوزُ اسْتِيفاؤه مِن الكَفِيلِ إذا تَعَذَّرَ عليه إحضارُ المَكْفُولِ به، فلا تَصِحُّ الكَفالةُ بمَن هوْ عليه، كحَد الزِّنَى.
فصل: ولا تَجُوزُ الكَفالةُ بالمُكاتَبِ مِن أجْلِ دَينِ الكِتابَةِ؛ لأنَّ الحُضُورَ لا يَلْزَمُه، فلا تَجُوزُ الكَفالةُ به، كدَينِ الكِتابةِ.