شيء. وبهذا قال الشافعي، وحُكِيَ عن أبي حنيفةَ. وقال أبو يُوسُفَ، ومحمد: يَشْتَرِكُ جَمِيعُهم في إكْرائِه كلِّه؛ لأنَّهم يَنْتَفِعُونَ بجَمِيعِه، فإن ما جاوَزَ الأوَّلَ مَصَب لمائِه، وإن لم يَسْقِ أرْضَه. ولَنا، أنَّ الأوَّلَ إنما يَنْتَفِعُ بالماءِ الذي في مَوْضِعِ شرْبِه، وما بعدَه إنَّما يَخْتَصُّ بالانْتِفاعِ (١) مِن دُونِه، فلا يُشارِكُهم في مُؤنَتِه، كما لا يُشارِكُهم في نَفْعِه. فإن كان يَفْضُلُ عن جَمِيعِهم منه ما يَحْتاجُ إلى مَصْرِفٍ، فمُؤنته على جَمِيعِهم؛ لاشْتِراكِهم في الحاجَةِ إليه والانْتِفاعِ به، فكانت مُؤنته عليهم كلِّهم، كأوَّلِه.
٢٤٨٨ - مسألة:(وللإِمامِ أن) يَحْمِيَ (أرْضًا مِن المَواتِ، تَرْعَى فيها دَوابُّ المسلمين التي يَقُومُ بحِفْظِها، ما لم يُضَيِّقْ على النّاسِ) ولا يجوزُ ذلك (لغيرِه) مَعْنَى الحِمَى، أن يَحْمِيَ أرْضًا، يَمْنَعُ النّاسَ رَعْيَ حَشِيشِها، ليَخْتَصَّ بها. وكانتِ العَرَبُ في الجاهِلِيَّةِ تَعْرِفُ ذلك، فكان منهم مَن إذا انْتَجَعَ بَلَدًا أقام كَلْبًا على نَشْزٍ، ثم اسْتَعْواه، ووَقَف له مِن كلِّ ناحِيَةٍ مَن يسْمَع صَوْتَه بالعُواءِ، فحيثُ انْتَهَى صَوْتُه حَماه مِن كل ناحِيَةٍ لنَفْسِه، ويَرْعَى مع النّاسِ فيما سِواه. فنَهَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنه؛ لِما