فصل: فإن عَجَز عن الإِشْهادِ في سَفَرِه، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه مَعْذُورٌ في تَرْكِه، فأشْبَهَ ما لو تَرَك الطَّلَبَ لعُذْرٍ أو لعَدَمِ العِلْمِ. ومتى قَدَر على الإِشْهادِ فأخَّرَه، كان كتَأْخِيرِ الطَّلَبِ بالشُّفْعَةِ؛ إن كان لعُذْرٍ لم تَسْقُطِ الشُّفْعَةُ، وإن كان لغيرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ؛ لأنَّ الإِشْهادَ قائِمٌ مَقامَ الطَّلَبِ ونائِبٌ عنه، فيُعْتَبَرُ له ما يُعْتَبَرُ للطَّلَبِ. ومَن لم يَقْدِرْ إلَّا على إشْهادِ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه؛ كالمَرْأةِ، والفاسِقِ، فتَرَكَ الإِشْهادَ، لم تَسْقُطْ شُفْعَتُه بتَرْكِه؛ لأنَّ قَوْلَهم غيرُ مَقْبُولٍ، فلم تَلْزَمْ شَهادَتُهم، كالأطْفالِ والمَجانِينِ. وإن لم يَجِدْ مَن يُشْهِدُه إلَّا مَن لا يَقْدَمُ معه إلى مَوْضِعِ المُطالبَةِ، فلم يُشْهِدْ، فالأوْلَى أنَّ شُفْعَتَه لا تَبْطُلُ؛ لأنَّ إشْهادَه لا يُفِيدُ، فأشْبَهَ إشْهادَ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه. وإن لم يَجِدْ إلَّا مَسْتُوري الحالِ، فلم يُشْهِدْهُما، احْتَمَلَ أن تَبْطُلَ؛ لأنَّ شَهادَتَهما يُمْكِنُ إثْباتُها بالتَّزْكِيَةِ، فأشْبَهَا العَدْلَينِ، ويَحْتَمِلُ أن لا تَبْطُلَ؛ لأنَّه يَحْتاجُ في إثباتِ شَهادَتِهِما إلى كُلْفَةٍ كَثِيرَةٍ، وقد لا يَقْدِرُ على ذلك، فلا تُقْبَلُ شَهادَتُهما، فإن أشْهَدَهُما، لم تَبْطُلْ شُفْعَتُه، سَواءٌ قُبِلَتْ شَهادَتُهما أو لم تُقْبَلْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه أكثْرُ مِن ذلك؛ فأشْبَهَ العاجِزَ عن الإشْهادِ، وكذلك إن لم يَقْدِرْ إلَّا على إشْهادِ واحِدٍ فأشْهَدَه، أو تَرَك إشْهادَه.
٢٣٩٢ - مسألة: (أو لإظْهارِهِم زِيادَةً في الثَّمَنِ، أو نَقْصًا في