فإنَّ النِّيِّةَ قد حَصَلَتْ مِن اللَّيْلِ، فيُسْتَغْنَى عن ذِكْرِها في النَّهارِ, كما لو نام أو غَفَل عن الصومِ، ولو كانَتِ النِّيَّةُ إنَّما تَحْصُلُ بالإِفاقَةِ في أوَّلِ النَّهارِ، لَما صَحَّ منه صومُ الفَرْضِ بالإِفاقَةِ، لأنَّه لا يُجْزِئُ بنِيَّةٍ مِن النَّهارِ. وحُكْمُ المَجْنُونِ حُكْمُ المُغْمَى عليه في ذلك. وقال الشافعىُّ: إذا وُجِد الجُنُونُ في جُزْءٍ مِن النَّهارِ أفْسَدَ الصومَ؛ لأنَّه مَعْنًى يَمْنَعُ وُجُوبَ الصومِ، فأفْسَدَه وُجُودُه في بَعْضِه، كالحَيْضِ. ولَنا، أنَّه زَوالُ عَقْلٍ في بعضِ النَّهارِ، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ الصومِ، كالإِغْماءِ، ويُفارِقُ الحَيْضَ؛ فإنَّ الحَيْضَ لا يَمْنَعُ الوُجُوبَ، وإنَّما يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، ويُحَرِّمُ فِعْلَ الصومِ، ويَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ الغُسْلِ وتَحْرِيمُ الصلاةِ والقِراءَةِ واللُّبْثِ في المَسْجِدِ والوَطْءِ، فلا يَصِحُّ القِياسُ عليه.
١٠٥٣ - مسألة:(وإن نام جَمِيعَ النَّهارِ، صَحَّ صومُه) لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه عادَةٌ، ولا يُزِيلُ الإِحْساسَ بالكُلِّيَّةِ.
١٠٥٤ - مسألة:(ويَلْزَمُ المُغْمَى عليه القَضاءُ دُونَ المَجْنونِ) لا نَعْلَمُ خِلافًا في وُجُوبِ القَضاءِ على المُغْمَى عليه؛ لأنَّ مُدَّتَه لا تتَطاوَلُ غالِبًا، ولا تَثْبُتُ